الباحث القرآني

﴿إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ﴾ بَدَلٌ مِن (إذْ يَعِدُكُمُ) أوْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ ﴿لِيُحِقَّ الحَقَّ﴾، أوْ عَلى إضْمارِ اذْكُرْ، واسْتَغاثَتُهم أنَّهم لَمّا عَلِمُوا أنْ لا مَحِيصَ عَنِ القِتالِ أخَذُوا يَقُولُونَ: أيْ رَبِّ انْصُرْنا عَلى عَدُوِّكَ أغِثْنا يا غَيّاثَ المُسْتَغِيثِينَ، وعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ «أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ نَظَرَ إلى المُشْرِكِينَ وهم ألْفٌ وإلى أصْحابِهِ وهم ثَلاثُمِائَةٍ، فاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ ومَدَّ يَدَيْهِ يَدْعُو: « اللَّهُمَّ أنْجِزْ لِي ما وعَدْتَنِي اللَّهُمَّ إنْ تَهْلَكْ هَذِهِ العِصابَةُ لا تُعْبَدْ في الأرْضِ» فَما زالَ كَذَلِكَ حَتّى سَقَطَ رِداؤُهُ فَقالَ أبُو بَكْرٍ يا نَبِيَّ اللَّهِ: كَفاكَ مُناشَدَتَكَ رَبَّكَ فَإنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ ما وعَدَكَ.» ﴿فاسْتَجابَ لَكم أنِّي مُمِدُّكُمْ﴾ بِأنِّي مُمِدُّكم، فَحَذَفَ الجارَّ وسَلَّطَ عَلَيْهِ الفِعْلَ وقَرَأ أبُو عَمْرٍو بِالكَسْرِ عَلى إرادَةِ القَوْلِ أوْ إجْراءِ اسْتَجابَ مَجْرى قالَ لِأنَّ الِاسْتِجابَةَ مِنَ القَوْلِ. ﴿بِألْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ مُتَّبَعِينَ المُؤْمِنِينَ أوْ بَعْضُهم بَعْضًا مِن أرْدَفْتُهُ أنا إذا جِئْتُ بَعْدَهُ، أوْ مُتَّبَعِينَ بَعْضَهم بَعْضَ المُؤْمِنِينَ، أوْ أنْفُسَهُمُ المُؤْمِنِينَ مِن أرْدَفْتُهُ إيّاهُ فَرَدَفَهُ. وقَرَأ نافِعٌ ويَعْقُوبُ مُرْدَفِينَ بِفَتْحِ الدّالِّ أيْ مُتَّبَعِينَ أوْ مُتَّبِعِينَ بِمَعْنى أنَّهم كانُوا مُقَدِّمَةَ الجَيْشِ أوْ ساقَتُهم. وقُرِئَ « مُرِدِفِينَ» بِكَسْرِ الرّاءِ وضَمِّها وأصْلُهُ مُرْتَدِفَيْنِ بِمَعْنى مُتَرادِفَيْنِ فَأُدْغِمَتِ التّاءُ في الدّالِ فالتَقى ساكِنانِ فَحُرِّكَتِ الرّاءُ بِالكَسْرِ عَلى الأصْلِ أوْ بِالضَّمِّ عَلى الِإتْباعِ. وقُرِئَ « بِآلافٍ» لِيُوافِقَ ما في سُورَةِ « آلِ عِمْرانَ»، ووَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَهُ وبَيْنَ المَشْهُورِ أنَّ المُرادَ بِالألِفِ الَّذِينَ كانُوا عَلى المُقَدِّمَةِ أوِ السّاقَةِ، أوْ وُجُوهُهم وأعْيانُهم، أوْ مَن قاتَلَ مِنهم واخْتُلِفَ في مُقاتَلَتِهِمْ وقَدْ رُوِيَ أخْبارٌ تَدُلُّ عَلَيْها. ﴿وَما جَعَلَهُ اللَّهُ﴾ أيِ الإمْدادُ إلّا بُشْرى إلّا بِشارَةً لَكم بِالنَّصْرِ. ﴿وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ﴾ فَيَزُولُ ما بِها (p-52)مِنَ الوَجَلِ لِقِلَّتِكم وذِلَّتِكم. ﴿وَما النَّصْرُ إلا مِن عِنْدِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ وإمْدادُ المَلائِكَةِ وكَثْرَةُ العَدَدِ والأُهَبِ ونَحْوُهُما وسائِطُ لا تَأْثِيرَ لَها فَلا تَحْسَبُوا النَّصْرَ مِنها ولا تَيْأسُوا مِنهُ بِفَقْدِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب