الباحث القرآني

﴿وَإذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هَذا﴾ هو قَوْلُ النَّضْرِ بْنِ الحَرْثِ، وإسْنادُهُ إلى الجَمِيعِ إسْنادُ ما فَعَلَهُ رَئِيسُ القَوْمِ إلَيْهِمْ فَإنَّهُ كانَ قاصَّهم، أوْ قَوْلُ الَّذِينَ ائْتَمَرُوا في أمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ وهَذا غايَةُ مُكابَرَتِهِمْ وفَرْطُ عِنادِهِمْ، إذْ لَوِ اسْتَطاعُوا ذَلِكَ فَما مَنَعَهم أنْ يَشاءُوا وقَدْ تَحَدّاهم وقَرَّعَهم بِالعَجْزِ عَشْرَ سِنِينَ، ثُمَّ قارَعَهم بِالسَّيْفِ فَلَمْ يُعارِضُوا سُورَةً مَعَ أنَفَتِهِمْ وفَرْطِ اسْتِنْكافِهِمْ أنْ يُغْلَبُوا خُصُوصًا في بابِ البَيانِ. ﴿إنْ هَذا إلا أساطِيرُ الأوَّلِينَ﴾ ما سَطَّرَهُ الأوَّلُونَ مِنَ القِصَصِ. ﴿وَإذْ قالُوا اللَّهُمَّ إنْ كانَ هَذا هو الحَقَّ مِن عِنْدِكَ فَأمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أوِ ائْتِنا بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ هَذا أيْضًا مِن كَلامِ ذَلِكَ القائِلِ أبْلَغُ في الجُحُودِ. رُوِيَ أنَّهُ لَمّا قالَ النَّضْرُ إنْ هَذا إلّا أساطِيرُ الأوَّلِينَ قالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «وَيْلَكَ إنَّهُ كَلامُ اللَّهِ» فَقالَ ذَلِكَ. والمَعْنى إنْ كانَ هَذا القُرْآنُ حَقًّا مُنَزَّلًا فَأمْطِرِ الحِجارَةَ عَلَيْنا عُقُوبَةً عَلى (p-58)إنْكارِهِ، أوِ ائْتِنا بِعَذابٍ ألِيمٍ سِواهُ، والمُرادُ مِنهُ التَّهَكُّمُ وإظْهارُ اليَقِينِ والجَزْمِ التّامِّ عَلى كَوْنِهِ باطِلًا. وقُرِئَ « الحَقُّ» بِالرَّفْعِ عَلى أنَّ هو مُبْتَدَأٌ غَيْرُ فَصْلٍ، وفائِدَةُ التَّعْرِيفِ فِيهِ الدَّلالَةُ عَلى أنَّ المُعَلَّقَ بِهِ كَوْنُهُ حَقًّا بِالوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِيهِ النَّبِيُّ ﷺ وهو تَنْزِيلُهُ لا الحَقُّ مُطْلَقًا لِتَجْوِيزِهِمْ أنْ يَكُونَ مُطابِقًا لِلْواقِعِ غَيْرَ مُنَزَّلٍ كَأساطِيرِ الأوَّلِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب