الباحث القرآني

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ﴾ بِتَعْطِيلِ الفَرائِضِ والسُّنَنِ، أوْ بِأنْ تُضْمِرُوا خِلافَ ما تُظْهِرُونَ، أوْ بِالغُلُولِ في المَغانِمِ. وَرُوِيَ: « (أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ حاصَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ إحْدى وعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَسَألُوهُ الصُّلْحَ كَما صالَحَ إخْوانَهم بَنِي النَّضِيرِ عَلى أنْ يَسِيرُوا إلى إخْوانِهِمْ بِأذْرِعاتٍ وأرْيِحاءَ بِأرْضِ الشّامِ، فَأبى إلّا أنْ يَنْزِلُوا عَلى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ فَأبَوْا وقالُوا: أرْسِلْ إلَيْنا أبا لُبابَةَ وكانَ مُناصِحًا لَهم لِأنَّ عِيالَهُ ومالَهُ في أيْدِيهِمْ، فَبَعَثَهُ إلَيْهِمْ فَقالُوا ما تَرى هَلْ نَنْزِلُ عَلى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ، فَأشارَ إلى حَلْقِهِ أنَّهُ الذَّبْحُ، قالَ أبُو لُبابَةَ: فَما زالَتْ قَدَمايَ حَتّى عَلِمْتُ أنِّي قَدْ خُنْتُ اللَّهَ ورَسُولَهُ، فَنَزَلَتْ. فَشَدَّ نَفْسَهُ عَلى سارِيَةٍ في المَسْجِدِ وقالَ: واللَّهِ لا أذُوقُ طَعامًا ولا شَرابًا حَتّى أمُوتَ أوْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ، فَمَكَثَ سَبْعَةَ أيّامٍ حَتّى خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ: قَدْ تِيبَ عَلَيْكَ فَحُلَّ نَفْسَكَ فَقالَ: لا واللَّهِ لا أحُلُّها حَتّى يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هو الَّذِي يَحُلُّنِي، فَجاءَهُ فَحَلَّهُ بِيَدِهِ فَقالَ إنَّ مِن تَمامِ تَوْبَتِي أنْ أهْجُرَ دارَ قَوْمَيِ الَّتِي أصَبْتُ فِيها الذَّنْبَ، وأنْ أنْخَلِعَ مِن مالِي فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ يَجْزِيكَ الثُّلُثُ أنْ تَتَصَدَّقَ بِهِ)» . وَأصْلُ الخَوْنِ النَّقْصُ كَما أنَّ أصْلَ الوَفاءِ التَّمامُ، واسْتِعْمالُهُ في ضِدِّ الأمانَةِ لِتَضَمُّنِهِ إيّاهُ. ﴿وَتَخُونُوا أماناتِكُمْ﴾ فِيما بَيْنَكم وهو مَجْزُومٌ بِالعَطْفِ عَلى الأوَّلِ أوْ مَنصُوبٌ عَلى الجَوابِ بِالواوِ. ﴿وَأنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أنَّكم تَخُونُونَ، أوْ وأنْتُمْ عُلَماءٌ تُمَيِّزُونَ الحَسَنَ مِنَ القَبِيحِ. ﴿واعْلَمُوا أنَّما أمْوالُكم وأوْلادُكم فِتْنَةٌ﴾ لِأنَّهم سَبَبُ الوُقُوعِ في الإثْمِ أوِ العِقابِ، أوْ مِحْنَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى لِيَبْلُوَكم فِيهِمْ فَلا يَحْمِلَنَّكم حُبُّهم عَلى الخِيانَةِ كَأبِي لُبابَةَ. ﴿وَأنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ﴾ لِمَن آثَرَ رِضا اللَّهِ عَلَيْهِمْ وراعى حُدُودَهُ فِيهِمْ، فَأنِيطُوا هِمَمَكم بِما يُؤَدِّيكم إلَيْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب