الباحث القرآني

(p-49)سُورَةُ الأنْفالِ مَدَنِيَّةٌ وآياتُها خَمْسٌ وسَبْعُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الأنْفالِ﴾ أيِ الغَنائِمِ يَعْنِي حُكْمَها، وإنَّما سُمِّيَتِ الغَنِيمَةُ نَفْلًا لِأنَّها عَطِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ وفَضْلٌ كَما سُمِّيَ بِهِ ما يَشْرُطُهُ الإمامُ لِمُقْتَحِمِ خَطَرٍ عَطِيَّةً لَهُ وزِيادَةً عَلى سَهْمِهِ. ﴿قُلِ الأنْفالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ﴾ أيْ أمْرُها مُخْتَصٌّ بِهِما يُقَسِّمُها الرَّسُولُ عَلى ما يَأْمُرُهُ اللَّهُ بِهِ. وسَبَبُ نُزُولِهِ اخْتِلافُ المُسْلِمِينَ في غَنائِمِ بَدْرٍ أنَّها كَيْفَ تُقَسَّمُ ومَن يُقَسِّمُ المُهاجِرُونَ مِنهم أوِ الأنْصارُ. وقِيلَ شَرَطَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِمَن كانَ لَهُ غَناءٌ أنْ يَنْفُلَهُ، فَتَسارَعَ شُبّانُهم حَتّى قَتَلُوا سَبْعِينَ وأسَرُوا سَبْعِينَ ثُمَّ طَلَبُوا نَفْلَهم. وكانَ المالُ قَلِيلًا. فَقالَ الشُّيُوخُ والوُجُوهُ الَّذِينَ كانُوا عِنْدَ الرّاياتِ: كُنّا رِدْءًا لَكم وفِئَةً تَنْحازُونَ إلَيْنا، فَنَزَلَتْ فَقَسَّمَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَهم عَلى السَّواءِ، ولِهَذا قِيلَ: لا يَلْزَمُ الإمامُ أنْ يَفِيَ بِما وعَدَ وهو قَوْلُ الشّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وعَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ قالَ: «لَمّا كانَ يَوْمَ بَدْرٍ قُتِلَ أخِي عُمَيْرٌ فَقَتَلْتُ بِهِ سَعِيدَ بْنَ العاصِ وأخَذْتُ سَيْفَهُ، فَأتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ واسْتَوْهَبْتُهُ مِنهُ فَقالَ: لَيْسَ هَذا لِي ولا لَكَ اطْرَحْهُ في القَبْضِ فَطَرَحْتُهُ، وبِي ما لا يَعْلَمُهُ إلّا اللَّهُ مِن قَتْلِ أخِي وأخْذِ سَلَبِي فَما جاوَزْتُ إلّا قَلِيلًا حَتّى نَزَلَتْ سُورَةُ الأنْفالِ، فَقالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: سَألْتَنِي السَّيْفَ ولَيْسَ لِي وأنَّهُ قَدْ صارَ لِي فاذْهَبْ فَخُذْهُ» . وَقُرِئَ « يَسْألُونَكَ الأنْفالَ» بِحَذْفِ الهَمْزَةِ والفاءُ حَرَكَتُها عَلى اللّامِ وإدْغامُ نُونٍ عَنْ فِيها، و « يَسْألُونَكَ الأنْفالَ» أيْ يَسْألُكَ الشُّبّانُ ما شَرَطْتَ لَهم. ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ﴾ في الِاخْتِلافِ والمُشاجَرَةِ. ﴿وَأصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ﴾ الحالُ الَّتِي بَيْنَكم بِالمُواساةِ والمُساعَدَةِ فِيما رَزَقَكُمُ اللَّهُ وتَسْلِيمِ أمْرِهِ إلى اللَّهِ والرَّسُولِ. ﴿وَأطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ فِيهِ. ﴿إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ فَإنَّ الإيمانَ يَقْتَضِي ذَلِكَ، أوْ إنْ كُنْتُمْ كامِلِي الإيمانِ فَإنَّ كَمالَ الإيمانِ بِهَذِهِ الثَّلاثَةِ: طاعَةُ الأوامِرِ، والِاتِّقاءُ عَنِ المَعاصِي، وإصْلاحُ ذاتِ البَيْنِ بِالعَدْلِ والإحْسانِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب