الباحث القرآني

﴿وَلَمّا رَجَعَ مُوسى إلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أسِفًا﴾ شَدِيدَ الغَضَبِ وقِيلَ حَزِينًا. ﴿قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي﴾ فَعَلْتُمْ بَعْدِي حَيْثُ عَبَدْتُمُ العِجْلَ، والخِطابُ لِلْعَبَدَةِ أوْ أقَمْتُمْ مَقامِي فَلَمْ تَكُفُّوا العَبَدَةَ والخِطابُ لِهارُونَ والمُؤْمِنِينَ مَعَهُ، وما نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ تُفَسِّرُ المُسْتِكِنَّ في بِئْسَ والمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ بِئْسَ خِلافَةً خَلَفْتُمُونِيها مِن بَعْدِي خِلافَتُكم، ومَعْنى مِن بَعْدِي مِن بَعْدِ انْطِلاقِي، أوْ مِن بَعْدِ ما رَأيْتُمْ مِنِّي مِنَ التَّوْحِيدِ والتَّنْزِيهِ والحَمْلِ عَلَيْهِ والكَفِّ عَمّا يُنافِيهِ. ﴿أعَجِلْتُمْ أمْرَ رَبِّكُمْ﴾ أتَرَكْتُمُوهُ غَيْرَ تامٍّ، كَأنَّهُ ضِمْنُ عِجْلٍ مَعْنى سَبَقَ فَعَدّى تَعْدِيَتَهُ، أوْ أعْجَلْتُمْ وعْدَ رَبِّكُمُ الَّذِي وعَدَنِيهِ مِنَ الأرْبَعِينَ وقَدَّرْتُمْ مَوْتِي وغَيَّرْتُمْ بَعْدِي كَما غَيَّرَتِ الأُمَمُ بَعْدَ أنْبِيائِهِمْ. ﴿وَألْقى الألْواحَ﴾ طَرَحَها مِن شِدَّةِ الغَضَبِ وفَرْطِ الضَّجَرِ حَمِيَّةً لِلدِّينِ. رُوِيَ: أنَّ التَّوْراةَ كانَتْ سَبْعَةَ أسْباعٍ في سَبْعَةِ ألْواحٍ فَلَمّا ألْقاها انْكَسَرَتْ فَرَفَعَ سِتَّةَ أسِباعِها وكانَ فِيها تَفْصِيلُ كُلِّ شَيْءٍ وبَقِيَ سُبُعٌ كانَ فِيهِ المَواعِظُ والأحْكامُ. ﴿وَأخَذَ بِرَأْسِ أخِيهِ﴾ بِشَعْرِ رَأْسِهِ. ﴿يَجُرُّهُ إلَيْهِ﴾ تَوَهُّمًا بِأنَّهُ قَصَّرَ في كَفِّهِمْ، وهارُونُ كانَ أكْبَرَ مِنهُ بِثَلاثِ سِنِينَ وكانَ حَمُولًا لَيِّنًا ولِذَلِكَ كانَ أحَبَّ إلى بَنِي إسْرائِيلَ. ﴿قالَ ابْنَ أُمَّ﴾ ذَكَرَ الأُمَّ لِيُرَقِّقَهُ عَلَيْهِ وكانا مِن أبٍ وأُمٍّ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ هُنا وفي « طَهَ» « يا ابْنَ أُمِّ» بِالكَسْرِ وأصْلُهُ يا ابْنَ أُمِّي فَحُذِفَتِ الياءُ اكْتِفاءً بِالكَسْرَةِ تَخْفِيفًا كالمُنادى المُضافِ إلى الياءِ، والباقُونَ بِالفَتْحِ زِيادَةً في التَّخْفِيفِ لِطُولِهِ أوْ تَشْبِيهًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ. ﴿إنَّ القَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وكادُوا يَقْتُلُونَنِي﴾ إزاحَةً لِتَوَهُّمِ التَّقْصِيرِ في حَقِّهِ، والمَعْنى بَذَلْتُ وُسْعِي في كَفِّهِمْ حَتّى قَهَرُونِي واسْتَضْعَفُونِي وقارَبُوا قَتْلِي. ﴿فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأعْداءَ﴾ فَلا تَفْعَلْ بِي ما يَشْمَتُونَ بِي لِأجْلِهِ. ﴿وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ مَعْدُودًا في عِدادِهِمْ بِالمُؤاخَذَةِ أوْ نِسْبَةِ التَّقْصِيرِ. ﴿قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي﴾ بِما صَنَعْتُ بِأخِي. ﴿وَلأخِي﴾ إنْ فَرَّطَ في كَفِّهِمْ ضَمَّهُ إلى نَفْسِهِ في الِاسْتِغْفارِ (p-36)تَرْضِيَةً لَهُ ودَفْعًا لِلشَّماتَةِ عَنْهُ. ﴿وَأدْخِلْنا في رَحْمَتِكَ﴾ بِمَزِيدِ الإنْعامِ عَلَيْنا. ﴿وَأنْتَ أرْحَمُ الرّاحِمِينَ﴾ فَأنْتَ أرْحَمُ بِنا مِنّا عَلى أنْفُسِنا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب