الباحث القرآني

(p-220)سُورَةُ الطَّلاقِ مَدَنِيَّةٌ وآيُها اثْنَتا عَشْرَةَ أوْ إحْدى عَشْرَةَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ إذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ﴾ خَصَّ النِّداءَ وعَمَّ الخِطابِ بِالحُكْمِ لِأنَّهُ أمامَ أُمَّتِهِ فَنِداؤُهُ كَنِدائِهِمْ، أوْ لِأنَّ الكَلامَ مَعَهُ والحُكْمَ يَعُمُّهم. والمَعْنى إذا أرَدْتُمْ تَطْلِيقَهُنَّ عَلى تَنْزِيلِ المَشارِفِ لَهُ مَنزِلَةَ الشّارِعِ فِيهِ. ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ أيْ في وقْتِها وهو الطُّهْرُ، فَإنَّ اللّامَ في الأزْمانِ وما يُشْبِهُها لِلتَّأْقِيتِ، ومِن عِدَّةِ العُدَّةِ بِالحَيْضِ عَلَّقَ اللّامَ بِمَحْذُوفٍ مِثْلَ مُسْتَقْبِلاتٍ، وظاهِرُهُ يَدُلُّ عَلى أنَّ العِدَّةَ بِالأطْهارِ وأنَّ طَلاقَ المُعْتَدَّةِ بِالأقْراءِ يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ في الطُّهْرِ، وأنَّهُ يَحْرُمُ في الحَيْضِ مِن حَيْثُ إنَّ الأمْرَ بِالشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ ولا يَدُلُّ عَلى عَدَمِ وُقُوعِهِ، إذِ النَّهْيُ لا يَسْتَلْزِمُ الفَسادَ، كَيْفَ وقَدْ صَحَّ «أنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما لَمّا طَلَّقَ امْرَأتَهُ حائِضًا أمَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِالرَّجْعَةِ» وهو سَبَبُ نُزُولِهِ. ﴿وَأحْصُوا العِدَّةَ﴾ واضْبُطُوها وأكْمِلُوها ثَلاثَةَ أقْراءٍ. ﴿واتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ﴾ في تَطْوِيلِ العِدَّةِ والإضْرارِ بِهِنَّ. ﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ﴾ مِن مَساكِنِهِنَّ وقْتَ الفِراقِ حَتّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُنَّ. ﴿وَلا يَخْرُجْنَ﴾ بِاسْتِبْدادِهِنَّ أمّا لَوِ اتَّفَقا عَلى الِانْتِقالِ جازَ إذِ الحَقُّ لا يَعْدُوهُما، وفي الجَمْعِ بَيْنَ النَّهْيَيْنِ دَلالَةٌ عَلى اسْتِحْقاقِها السُّكْنى ولُزُومِها مُلازَمَةَ مَسْكَنِ الفِراقِ وقَوْلُهُ: ﴿إلا أنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ مُسْتَثْنًى مِنَ الأوَّلِ، والمَعْنى إلّا أنْ تَبْذُوَ عَلى الزَّوْجِ فَإنَّهُ كالنُّشُوزِ في إسْقاطِ حَقِّها، أوْ إلّا أنْ تَزْنِيَ فَتَخْرُجَ لِإقامَةِ الحَدِّ عَلَيْها، أوْ مِنَ الثّانِي لِلْمُبالَغَةِ في النَّهْيِ والدَّلالَةِ عَلى أنَّ خُرُوجَها فاحِشَةٌ. ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ الإشارَةُ إلى الأحْكامِ المَذْكُورَةِ. ﴿وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ بِأنْ عَرَّضَها لِلْعِقابِ. ﴿لا تَدْرِي﴾ أيِ النَّفْسُ أوْ أنْتَ أيُّها النَّبِيُّ أوِ المُطَلِّقُ. ﴿لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أمْرًا﴾ وهو الرَّغْبَةُ في المُطَلَّقَةِ بِرَجْعَةٍ أوِ اسْتِئْنافٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب