الباحث القرآني

﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكم مِن طِينٍ﴾ أيِ ابْتَدَأ خَلْقَكم مِنهُ، فَإنَّهُ المادَّةُ الأُولى وأنَّ آدَمَ الَّذِي هو أصْلُ البَشَرِ خُلِقَ مِنهُ، أوْ خَلَقَ أباكم فَحُذِفَ المُضافُ. ﴿ثُمَّ قَضى أجَلا﴾ أجَلَ المَوْتِ. ﴿وَأجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ أجْلُ القِيامَةِ. وقِيلَ الأوَّلُ ما بَيْنَ الخَلْقِ والمَوْتِ، والثّانِي ما بَيْنَ المَوْتِ والبَعْثِ، فَإنَّ الأجَلَ كَما يُطْلَقُ لِآخِرِ المُدَّةِ يُطْلَقُ لِجُمْلَتِها. وقِيلَ الأوَّلُ النَّوْمُ والثّانِي المَوْتُ. وقِيلَ الأوَّلُ لِمَن مَضى والثّانِي لِمَن بَقِيَ ولِمَن يَأْتِي، وأجَلٌ نَكِرَةٌ خُصِّصَتْ بِالصِّفَةِ ولِذَلِكَ اسْتُغْنِيَ عَنْ تَقْدِيمِ الخَبَرِ والِاسْتِئْنافِ بِهِ لِتَعْظِيمِهِ ولِذَلِكَ نُكِّرَ ووُصِفَ بِأنَّهُ مُسَمًّى أيْ مُثْبَتٌ مُعَيَّنٌ لا يَقْبَلُ التَّغَيُّرَ، وأخْبَرَ عَنْهُ بِأنَّهُ عِنْدَ اللَّهِ لا مَدْخَلَ لِغَيْرِهِ فِيهِ بِعِلْمٍ ولا قُدْرَةٍ ولِأنَّهُ المَقْصُودُ بَيانُهُ. ﴿ثُمَّ أنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾ اسْتِبْعادَ مُتَرائِهِمْ بَعْدَ ما ثَبَتَ أنَّهُ خالِقُهم وخالِقُ أُصُولِهِمْ ومُحْيِيهِمْ إلى آجالِهِمْ، فَإنَّ مِن (p-154) قَدَرَ عَلى خَلْقِ المَوادِّ وجَمْعِها وإيداعِ الحَياةِ فِيها وإبْقائِها ما يَشاءُ كانَ أقْدَرَ عَلى جَمْعِ تِلْكَ المَوادِّ وإحْيائِها ثانِيًا، فالآيَةُ الأُولى دَلِيلُ التَّوْحِيدِ والثّانِيَةُ دَلِيلُ البَعْثِ، والِامْتِراءُ الشَّكُّ وأصْلُهُ المَرِيُّ وهو اسْتِخْراجُ اللَّبَنِ مِنَ الضَّرْعِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب