الباحث القرآني

﴿قُلْ لا أجِدُ في ما أُوحِيَ إلَيَّ﴾ أيْ في القُرْآنِ، أوْ فِيما أُوحِيَ إلَيَّ مُطْلَقًا، وفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ التَّحْرِيمَ إنَّما يُعْلَمُ بِالوَحْيِ لا بِالهَوى. ﴿مُحَرَّمًا﴾ طَعامًا مُحَرَّمًا. ﴿عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلا أنْ يَكُونَ مَيْتَةً﴾ أنْ يَكُونَ الطَّعامُ مَيْتَةً، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وحَمْزَةُ تَكُونُ بِالتّاءِ لِتَأْنِيثِ الخَبَرِ، وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ بِالياءِ، ورَفَعَ مَيْتَةً عَلى أنَّ كانَ هي (p-187)التّامَّةُ وقَوْلُهُ: ﴿أوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ عَطْفٌ عَلى أنَّ مَعَ ما في حَيِّزِهِ أيْ: إلّا وُجُودَ مَيْتَةٍ أوْ دَمًا مَسْفُوحًا، أيْ مَصْبُوبًا كالدَّمِ في العُرُوقِ لا كالكَبِدِ والطِّحالِ. ﴿أوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإنَّهُ رِجْسٌ﴾ فَإنَّ الخِنْزِيرَ أوْ لَحْمَهُ قَذِرٌ لِتَعَوُّدِهِ أكْلَ النَّجاسَةِ أوْ خَبِيثٌ مُخْبِثٌ ﴿أوْ فِسْقًا﴾ عُطِفَ عَلى لَحْمَ خِنْزِيرٍ. وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ لِلتَّعْلِيلِ. ﴿أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ صِفَةٌ لَهُ مُوَضِّحَةٌ وإنَّما سُمِّيَ ما ذُبِحَ عَلى اسْمِ الصَّنَمِ فِسْقًا لِتَوَغُّلِهِ في الفِسْقِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ فِسْقًا مَفْعُولًا لَهُ مِن أُهِلَّ وهو عَطْفٌ عَلى يَكُونُ والمُسْتَكِنُّ فِيهِ راجِعٌ إلى ما رَجَعَ إلَيْهِ المُسْتَكِنُّ في يَكُونُ. ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ﴾ فَمَن دَعَتْهُ الضَّرُورَةُ. إلى تَناوُلِ شَيْءٍ مِن ذَلِكَ ﴿غَيْرَ باغٍ﴾ عَلى مُضْطَرٍّ مِثْلِهِ ﴿وَلا عادٍ﴾ قَدْرَ الضَّرُورَةِ ﴿فَإنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لا يُؤاخِذُهُ، والآيَةُ مُحْكَمَةٌ لِأنَّها تَدُلُّ عَلى أنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِيما أُوحِيَ إلى تِلْكَ الغايَةِ مُحَرَّمًا غَيْرَ هَذِهِ، وذَلِكَ لا يُنافِي وُرُودَ التَّحْرِيمِ في شَيْءٍ آخَرَ فَلا يَصِحُّ الِاسْتِدْلالُ بِها عَلى نَسْخِ الكِتابِ بِخَبَرِ الواحِدِ ولا عَلى حِلِّ الأشْياءِ غَيْرَها إلّا مَعَ الِاسْتِصْحابِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب