﴿وَهُوَ الَّذِي أنْشَأ جَنّاتٍ﴾ مِنَ الكُرُومِ. ﴿مَعْرُوشاتٍ﴾ مَرْفُوعاتٍ عَلى ما يَحْمِلُها. ﴿وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ﴾ مُلْقِياتٍ عَلى وجْهِ الأرْضِ. وقِيلَ المَعْرُوشاتُ ما غَرَسَهُ النّاسُ فَعَرَّشُوهُ وغَيْرُ مَعْرُوشاتٍ ما نَبَتَ في البَرارِي والجِبالِ. ﴿والنَّخْلَ والزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ﴾ ثَمَرُهُ الَّذِي يُؤْكَلُ في الهَيْئَةِ والكَيْفِيَّةِ، والضَّمِيرُ لِلزَّرْعِ والباقِي مَقِيسٌ عَلَيْهِ، أوْ لِلنَّخْلِ والزَّرْعُ داخِلٌ في حُكْمِهِ لِكَوْنِهِ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ، أوْ لِلْجَمِيعِ عَلى تَقْدِيرِ أكُلُّ ذَلِكَ أوْ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما ومُخْتَلِفًا حالًا مُقَدَّرَةً لِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَ الإنْشاءِ. ﴿والزَّيْتُونَ والرُّمّانَ مُتَشابِهًا وغَيْرَ مُتَشابِهٍ﴾ يَتَشابَهُ بَعْضُ أفْرادِهِما في اللَّوْنِ والطَّعْمِ ولا يَتَشابَهُ بَعْضُها. ﴿كُلُوا مِن ثَمَرِهِ﴾ مِن ثَمَرِ كُلِّ واحِدٍ مِن ذَلِكَ. ﴿إذا أثْمَرَ﴾ وإنْ لَمْ يُدْرِكْ ولَمْ يَيْنَعْ بَعْدُ. وقِيلَ فائِدَتُهُ رُخْصَةُ المالِكِ في الأكْلِ مِنهُ قَبْلَ أداءِ حَقِّ اللَّهِ تَعالى. ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ﴾ يُرِيدُ بِهِ ما كانَ يَتَصَدَّقُ بِهِ يَوْمَ الحَصادِ لا الزَّكاةَ المُقَدَّرَةَ لِأنَّها فُرِضَتْ بِالمَدِينَةِ والآيَةُ مَكِّيَّةٌ.
وَقِيلَ الزَّكاةُ والآيَةُ مَدَنِيَّةٌ والأمْرُ بِإيتائِها يَوْمَ الحَصادِ لِيُهْتَمَّ بِهِ حِينَئِذٍ حَتّى لا يُؤَخَّرَ عَنْ وقْتِ الأداءِ ولِيَعْلَمَ أنَّ الوُجُوبَ بِالإدْراكِ لا بِالتَّنْقِيَةِ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ ونافِعٌ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ حِصادِهِ بِكَسْرِ الحاءِ وهو لُغَةٌ فِيهِ.
﴿وَلا تُسْرِفُوا﴾ في التَّصَدُّقِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ولا تَبْسُطْها كُلَّ البَسْطِ ﴿إنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ﴾ لا يَرْتَضِي فِعْلَهم.(p-186)
{"ayah":"۞ وَهُوَ ٱلَّذِیۤ أَنشَأَ جَنَّـٰتࣲ مَّعۡرُوشَـٰتࣲ وَغَیۡرَ مَعۡرُوشَـٰتࣲ وَٱلنَّخۡلَ وَٱلزَّرۡعَ مُخۡتَلِفًا أُكُلُهُۥ وَٱلزَّیۡتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَـٰبِهࣰا وَغَیۡرَ مُتَشَـٰبِهࣲۚ كُلُوا۟ مِن ثَمَرِهِۦۤ إِذَاۤ أَثۡمَرَ وَءَاتُوا۟ حَقَّهُۥ یَوۡمَ حَصَادِهِۦۖ وَلَا تُسۡرِفُوۤا۟ۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِینَ"}