الباحث القرآني

﴿فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أنْ يَهْدِيَهُ﴾ يُعَرِّفَهُ طَرِيقَ الحَقِّ ويُوَفِّقَهُ لِلْإيمانِ. ﴿يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ﴾ فَيَتَّسِعُ لَهُ ويُفْسِحُ فِيهِ مَجالَهُ، وهو كِنايَةٌ عَنْ جَعْلِ النَّفْسِ قابِلَةً لِلْحَقِّ مُهَيَّأةً لِحُلُولِهِ فِيها مِصْفاةً عَمّا يَمْنَعُهُ ويُنافِيهِ، وإلَيْهِ أشارَ عَلَيْهِ أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ فَقالَ: «نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى في قَلْبِ المُؤْمِنِ فَيَنْشَرِحُ لَهُ ويَنْفَسِحُ». فَقالُوا: هَلْ لِذَلِكَ مِن أمارَةٍ يُعْرَفُ بِها فَقالَ: نَعَمِ الإنابَةُ إلى دارِ الخُلُودِ والتَّجافِي عَنْ دارِ الغُرُورِ والِاسْتِعْدادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِهِ» . ﴿وَمَن يُرِدْ أنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ بِحَيْثُ يَنْبُو عَنْ قَبُولِ الحَقِّ فَلا يَدْخُلُهُ الإيمانُ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ ضَيْقًا بِالتَّخْفِيفِ ونافِعٌ وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ حَرِجًا بِالكَسْرِ أيْ شَدِيدَ الضِّيقِ، والباقُونَ بِالفَتْحِ وصْفًا بِالمَصْدَرِ. ﴿كَأنَّما يَصَّعَّدُ في السَّماءِ﴾ شَبَّهَهُ مُبالَغَةً في ضِيقِ صَدْرِهِ بِمَن يُزاوِلُ ما لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَإنَّ صُعُودَ السَّماءِ مَثَلٌ فِيما يَبْعُدُ عَنِ الِاسْتِطاعَةِ، ونَبَّهَ بِهِ عَلى أنَّ الإيمانَ يَمْتَنِعُ مِنهُ كَما يَمْتَنِعُ الصُّعُودُ. وَقِيلَ مَعْناهُ كَأنَّما يَتَصاعَدُ إلى السَّماءِ نُبُوًّا عَنِ الحَقِّ وتَباعُدًا في الهَرَبِ مِنهُ، وأصْلُ يَصَّعَّدُ يَتَصَعَّدُ وقَدْ قُرِئَ بِهِ وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ يَصَّعَّدُ وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ يَصّاعَدُ بِمَعْنى يَتَصاعَدُ. ﴿كَذَلِكَ﴾ أيْ كَما يَضِيقُ صَدْرُهُ ويَبْعُدُ قَلْبُهُ عَنِ الحَقِّ. ﴿يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ يَجْعَلُ العَذابَ أوِ الخِذْلانَ عَلَيْهِمْ، فَوُضِعَ الظّاهِرُ مَوْضِعَ المُضْمَرِ لِلتَّعْلِيلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب