الباحث القرآني

(p-179)﴿أفَغَيْرَ اللَّهِ أبْتَغِي حَكَمًا﴾ عَلى إرادَةِ القَوْلِ أيْ: قُلْ لَهم يا مُحَمَّدُ أفَغَيْرَ اللَّهِ أطْلُبُ مَن يَحْكُمُ بَيْنِي وبَيْنَكم ويَفْصِلُ المُحِقَّ مِنّا مِنَ المُبْطِلِ، و «غَيْرَ» مَفْعُولُ أبْتَغِي وحَكَمًا حالٌ مِنهُ ويَحْتَمِلُ عَكْسَهُ، وحَكَمًا أبْلَغُ مِن حاكِمٍ ولِذَلِكَ لا يُوصَفُ بِهِ غَيْرُ العادِلِ. ﴿وَهُوَ الَّذِي أنْزَلَ إلَيْكُمُ الكِتابَ﴾ القُرْآنَ المُعْجِزَ. ﴿مُفَصَّلا﴾ مُبَيَّنًا فِيهِ الحَقُّ والباطِلُ بِحَيْثُ يَنْفِي التَّخْلِيطَ والِالتِباسَ. وفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ القُرْآنَ بِإعْجازِهِ وتَقْرِيرِهِ مُغْنٍ عَنْ سائِرِ الآياتِ. ﴿والَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ يَعْلَمُونَ أنَّهُ مُنَزَّلٌ مِن رَبِّكَ بِالحَقِّ﴾ تَأْيِيدٌ لِدَلالَةِ الإعْجازِ عَلى أنَّ القُرْآنَ حَقٌّ مُنَزَّلٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى، يَعْلَمُ أهْلُ الكِتابِ بِهِ لِتَصْدِيقِهِ ما عِنْدَهم مَعَ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمْ يُمارِسْ كُتُبَهم ولَمْ يُخالِطْ عُلَماءَهُمْ، وإنَّما وُصِفَ جَمِيعُهم بِالعِلْمِ لِأنَّ أكْثَرَهم يَعْلَمُونَ ومَن لَمْ يَعْلَمْ فَهو مُتَمَكِّنٌ مِنهُ بِأدْنى تَأمُّلٍ. وقِيلَ المُرادُ مُؤْمِنُو أهْلِ الكِتابِ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ مُنَزَّلٌ بِالتَّشْدِيدِ. ﴿فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ﴾ في أنَّهم يَعْلَمُونَ ذَلِكَ، أوْ في أنَّهُ مُنَزَّلٌ لِجُحُودِ أكْثَرِهِمْ وكُفْرِهِمْ بِهِ، فَيَكُونُ مِن بابِ التَّهْيِيجِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ولا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ أوْ خِطابُ الرَّسُولِ ﷺ لِخِطابِ الأُمَّةِ. وقِيلَ الخِطابُ لِكُلِّ أحَدٍ عَلى مَعْنى أنَّ الأدِلَّةَ لَمّا تَعاضَدَتْ عَلى صِحَّتِهِ فَلا يَنْبَغِي لِأحَدٍ أنْ يَمْتَرِيَ فِيهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب