الباحث القرآني

﴿إنَّما ولِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا﴾ لِما نَهى عَنْ مُوالاةِ الكَفَرَةِ ذَكَرَ عَقِيبَهُ مَن هو حَقِيقٌ بِها، وإنَّما قالَ ولِيُّكُمُ اللَّهُ ولَمْ يَقُلْ أوْلِياؤُكم لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّ الوِلايَةَ لِلَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى عَلى الأصالَةِ ولِرَسُولِهِ ﷺ ولِلْمُؤْمِنِينَ عَلى التَّبَعِ. ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ﴾ صِفَةٌ لِلَّذِينِ آمَنُوا فَإنَّهُ جَرى مَجْرى الِاسْمِ، أوْ بَدَلٌ مِنهُ ويَجُوزُ نَصْبُهُ ورَفْعُهُ عَلى المَدْحِ. ﴿وَهم راكِعُونَ﴾ مُتَخَشِّعُونَ في صَلاتِهِمْ وزَكاتِهِمْ، وقِيلَ هو حالٌ مَخْصُوصَةٌ بِيُؤْتُونَ، أيْ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ في حالِ رُكُوعِهِمْ في الصَّلاةِ حِرْصًا عَلى الإحْسانِ ومُسارَعَةً إلَيْهِ، وإنَّها نَزَلَتْ في عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ سَألَهُ سائِلٌ وهو راكِعٌ في صَلاتِهِ، فَطَرَحَ لَهُ خاتَمَهُ. واسْتَدَلَّ بِها الشِّيعَةُ عَلى إمامَتِهِ زاعِمِينَ أنَّ المُرادَ بِالوَلِيِّ المُتَوَلِّي لِلْأُمُورِ والمُسْتَحِقُّ لِلتَّصَرُّفِ فِيها، والظّاهِرُ ما ذَكَرْناهُ مَعَ أنَّ حَمْلَ الجَمْعِ عَلى الواحِدِ أيْضًا خِلافَ الظّاهِرِ وإنْ صَحَّ أنَّهُ نَزَلَ فِيهِ فَلَعَلَّهُ جِيءَ بِلَفْظِ الجَمْعِ لِتَرْغِيبِ النّاسِ في مِثْلِ فِعْلِهِ فَيَنْدَرِجُوا فِيهِ، وعَلى هَذا يَكُونُ دَلِيلًا عَلى أنَّ الفِعْلَ القَلِيلَ في الصَّلاةِ لا يُبْطِلُها وأنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ تُسَمّى زَكاةً. ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ والَّذِينَ آمَنُوا﴾ ومَن يَتَّخِذُهم أوْلِياءَ. ﴿فَإنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الغالِبُونَ﴾ أيْ فَإنَّهم هُمُ الغالِبُونَ، ولَكِنَّ وضْعَ الظّاهِرِ مَوْضِعَ المُضْمَرِ تَنْبِيهًا عَلى البُرْهانِ عَلَيْهِ فَكَأنَّهُ قِيلَ: ومَن يَتَوَلَّ هَؤُلاءِ فَهم حِزْبُ اللَّهِ وحِزْبُ اللَّهِ هُمُ الغالِبُونَ وتَنْوِيهًا بِذِكْرِهِمْ وتَعْظِيمًا لِشَأْنِهِمْ وتَشْرِيفًا لَهم بِهَذا الِاسْمِ، وتَعْرِيضًا لِمَن يُوالِي غَيْرَ هَؤُلاءِ بِأنَّهُ حِزْبُ الشَّيْطانِ. وأصْلُ الحِزْبِ القَوْمُ يَجْتَمِعُونَ لِأمْرٍ حَزَبَهم.(p-133)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب