الباحث القرآني

﴿والسّارِقُ والسّارِقَةُ فاقْطَعُوا أيْدِيَهُما﴾ جُمْلَتانِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ إذِ التَّقْدِيرُ فِيما يُتْلى عَلَيْكُمُ السّارِقُ والسّارِقَةُ أيْ حُكْمُهُما، وجُمْلَةٌ عِنْدَ المُبَرِّدِ والفاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ دَخَلَ الخَبَرُ لِتَضَمُّنِهِما مَعْنى الشَّرْطِ إذِ المَعْنى: والَّذِي سَرَقَ والَّتِي سَرَقَتْ، وقُرِئَ بِالنَّصْبِ وهو المُخْتارُ في أمْثالِهِ لِأنَّ الإنْشاءَ لا يَقَعُ خَبَرًا إلّا بِإضْمارٍ وتَأْوِيلٍ. والسَّرِقَةُ: أخْذُ مالِ الغَيْرِ في خُفْيَةٍ، وإنَّما تُوجِبُ القِطْعَ إذا كانَتْ مِن حِرْزٍ والمَأْخُوذُ رُبُعَ دِينارٍ أوْ ما يُساوِيهِ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ «القَطْعُ في رُبُعِ دِينارٍ فَصاعِدًا».» وَلِلْعُلَماءِ خِلافٌ في ذَلِكَ لِأحادِيثَ ورَدَتْ فِيهِ وقَدِ اسْتَقْصَيْتُ الكَلامَ فِيهِ في شَرْحِ المَصابِيحِ، والمُرادُ بِالأيْدِي الإيمانُ ويُؤَيِّدُهُ قِراءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أيْمانُهُما، ولِذَلِكَ ساغَ وضْعُ الجَمْعِ مَوْضِعَ المُثَنّى كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما﴾ اكْتِفاءً بِتَثْنِيَةِ المُضافِ إلَيْهِ، واليَدُ اسْمٌ لِتَمامِ العُضْوِ ولِذَلِكَ ذَهَبَ الخَوارِجُ إلى أنَّ المَقْطَعَ هو المَنكِبُ، والجُمْهُورُ عَلى أنَّهُ الرُّسْغُ لِأنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ «أُتِيَ بِسارِقٍ فَأمَرَ بِقَطْعِ يَمِينِهِ مِنهُ.» ﴿جَزاءً بِما كَسَبا نَكالا مِنَ اللَّهِ﴾ مَنصُوبانِ عَلى المَفْعُولِ لَهُ أوِ المَصْدَرِ ودَلَّ عَلى فِعْلِهِما فاقْطَعُوا ﴿واللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ ﴿فَمَن تابَ﴾ مِنَ السِّراقِ. ﴿مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ﴾ أيْ بَعْدِ سَرِقَتِهِ. ﴿وَأصْلَحَ﴾ أمَرَهُ بِالتَّقَصِّي عَنِ التَّبِعاتِ والعَزْمِ عَلى أنْ لا يَعُودَ إلَيْها. ﴿فَإنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ يَقْبَلُ تَوْبَتَهُ فَلا يُعَذِّبُهُ في الآخِرَةِ. وأمّا القَطْعُ فَلا يَسْقُطُ بِها عِنْدَ الأكْثَرِينَ لِأنَّ فِيهِ حَقَّ المَسْرُوقِ مِنهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب