الباحث القرآني

(p-135)﴿واعْلَمُوا أنَّ فِيكم رَسُولَ اللَّهِ﴾ أنَّ بِما في حَيِّزِهِ سادٌّ مَسَدَّ مَفْعُولَيِ اعْلَمُوا بِاعْتِبارِ ما قُيِّدَ بِهِ مِنَ الحالِ وهو قَوْلُهُ: ﴿لَوْ يُطِيعُكم في كَثِيرٍ مِنَ الأمْرِ لَعَنِتُّمْ﴾ فَإنَّهُ حالٌ مِن أحَدِ ضَمِيرَيْ فِيكُمْ، ولَوْ جُعِلَ اسْتِئْنافًا لَمْ يَظْهَرْ لِلْأمْرِ فائِدَةٌ. والمَعْنى أنَّ فِيكم رَسُولَ اللَّهِ عَلى حالٍ يَجِبُ تَغْيِيرُها وهي أنَّكم تُرِيدُونَ أنْ يَتْبَعَ رَأْيَكم في الحَوادِثِ، ولَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَعَنِتُّمْ أيْ لَوَقَعْتُمْ في الجَهْدِ مِنَ العَنَتِ، وفِيهِ إشْعارٌ بِأنَّ بَعْضَهم أشارَ إلَيْهِ بِالإيقاعِ بِبَنِي المُصْطَلِقِ وقَوْلُهُ: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إلَيْكُمُ الإيمانَ وزَيَّنَهُ في قُلُوبِكم وكَرَّهَ إلَيْكُمُ الكُفْرَ والفُسُوقَ والعِصْيانَ﴾ اسْتِدْراكٌ بِبَيانِ عُذْرِهِمْ، وهو أنَّهُ مِن فَرْطِ حُبِّهِمْ لِلْإيمانِ وكَراهَتِهِمْ لِلْكُفْرِ حَمَلَهم عَلى ذَلِكَ لَمّا سَمِعُوا قَوْلالوَلِيدِ، أوْ بِصِفَةِ مَن لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنهم إحْمادًا لِفِعْلِهِمْ وتَعْرِيضًا بِذَمِّ مَن فَعَلَ ويُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الرّاشِدُونَ﴾ أيْ أُولَئِكَ المُسْتَثْنُونَ هُمُ الَّذِينَ أصابُوا الطَّرِيقَ السَّوِيَّ، وكَرَّهَ يَتَعَدّى بِنَفْسِهِ إلى مَفْعُولٍ واحِدٍ فَإذا شُدِّدَ زادَ لَهُ آخَرُ، لَكِنَّهُ لَمّا تَضَمَّنَ مَعْنى التَّبْغِيضِ نَزَلَ كَرَّهَ مَنزِلَةَ بَغَّضَ فَعُدِّيَ إلى آخَرَ بِإلى، أوْ نَزَلَ إلَيْكم مَنزِلَةَ مَفْعُولٍ آخَرَ. والكُفْرَ: تَغْطِيَةَ نِعَمِ اللَّهِ بِالجُحُودِ. والفُسُوقَ: الخُرُوجَ عَنِ القَصْدِ والعِصْيانِ: الِامْتِناعَ عَنِ الِانْقِيادِ. ﴿فَضْلا مِنَ اللَّهِ ونِعْمَةً﴾ تَعْلِيلٌ لِ كَرَّهَ أوْ حَبَّبَ، وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ لا لِ الرّاشِدُونَ فَإنَّ الفَضْلَ فِعْلُ اللَّهِ، والرُّشْدُ وإنْ كانَ مُسَبَّبًا عَنْ فِعْلِهِ مُسْنَدٌ إلى ضَمِيرِهِمْ أوْ مَصْدَرٌ لِغَيْرِ فِعْلِهِ فَإنَّ التَّحْبِيبَ والرُّشْدَ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ وإنْعامٌ. ﴿واللَّهُ عَلِيمٌ﴾ بِأحْوالِ المُؤْمِنِينَ وما بَيْنَهم مِنَ التَّفاضُلِ ﴿حَكِيمٌ﴾ حَيْثُ يُفَضِّلُ ويُنْعِمُ بِالتَّوْفِيقِ عَلَيْهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب