الباحث القرآني

(p-58)﴿وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحًا﴾ بِناءً مَكْشُوفًا عالِيًا مِن صَرَحَ الشَّيْءُ إذا ظَهَرَ. ﴿لَعَلِّي أبْلُغُ الأسْبابَ﴾ الطُّرُقَ. ﴿أسْبابَ السَّماواتِ﴾ بَيانٌ لَها وفي إبْهامِها ثُمَّ إيضاحِها تَفْخِيمٌ لِشَأْنِها وتَشْوِيقٌ لِلسّامِعِ إلى مَعْرِفَتِها. ﴿فَأطَّلِعَ إلى إلَهِ مُوسى﴾ عَطْفٌ عَلى أبْلُغُ. وقَرَأ حَفْصٌ بِالنَّصْبِ عَلى جَوابِ التَّرَجِّي ولَعَلَّهُ أرادَ أنْ يَبْنِيَ لَهُ رَصْدًا في مَوْضِعٍ عالٍ يَرْصُدُ مِنهُ أحْوالَ الكَواكِبِ الَّتِي هي أسْبابٌ سَماوِيَّةٌ تَدُلُّ عَلى الحَوادِثِ الأرْضِيَّةِ، فَيَرى هَلْ فِيها ما يَدُلُّ عَلى إرْسالِ اللَّهِ إيّاهُ، أوْ أنْ يَرى فَسادَ قَوْلِ مُوسى بِأنَّ أخْبارَهُ مِن إلَهِ السَّماءِ يَتَوَقَّفُ عَلى إطْلاعِهِ ووُصُولِهِ إلَيْهِ، وذَلِكَ لا يَتَأتّى إلّا بِالصُّعُودِ إلى السَّماءِ وهو مِمّا لا يَقْوى عَلَيْهِ الإنْسانُ، وذَلِكَ لِجَهْلِهِ بِاللَّهِ وكَيْفِيَّةِ اسْتِنْبائِهِ. ﴿وَإنِّي لأظُنُّهُ كاذِبًا﴾ في دَعْوى الرِّسالَةِ. ﴿وَكَذَلِكَ﴾ ومِثْلَ التَّزْيِينِ، ﴿زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ﴾ سَبِيلِ الرَّشادِ، والفاعِلُ عَلى الحَقِيقَةِ هو اللَّهُ تَعالى ويَدُلُّ عَلَيْهِ أنَّهُ قُرِئَ زَيَّنَ بِالفَتْحِ وبِالتَّوَسُّطِ الشَّيْطانُ. وقَرَأ الحِجازِيّانِ والشّامِيُّ وأبُو عَمْرٍو وصَدَّ عَلى أنَّ فِرْعَوْنَ صَدَّ النّاسَ عَنِ الهُدى بِأمْثالِ هَذِهِ التَّمْوِيهاتِ والشُّبَهاتِ ويُؤَيِّدُهُ: ﴿وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إلا في تَبابٍ﴾ أيْ خَسارٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب