الباحث القرآني

﴿الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلى النِّساءِ﴾ يَقُومُونَ عَلَيْهِنَّ قِيامَ الوُلاةِ عَلى الرَّعِيَّةِ، وعَلَّلَ ذَلِكَ بِأمْرَيْنِ وهْبِيٍّ وكَسْبِيٍّ فَقالَ: ﴿بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهم عَلى بَعْضٍ﴾ بِسَبَبِ تَفْضِيلِهِ تَعالى الرِّجالَ عَلى النِّساءِ بِكَمالِ العَقْلِ وحُسْنِ التَّدْبِيرِ، ومَزِيدِ القُوَّةِ في الأعْمالِ والطّاعاتِ، ولِذَلِكَ خُصُّوا بِالنُّبُوَّةِ والإمامَةِ والوِلايَةِ وإقامَةِ الشَّعائِرِ، والشَّهادَةِ في مَجامِعِ القَضايا، ووُجُوبِ الجِهادِ والجُمُعَةِ ونَحْوِها، والتَّعْصِيبِ وزِيادَةِ السَّهْمِ في المِيراثِ والِاسْتِبْدادِ بِالفِراقِ. ﴿وَبِما أنْفَقُوا مِن أمْوالِهِمْ﴾ في نِكاحِهِنَّ كالمَهْرِ والنَّفَقَةِ. رُوِيَ « (أنَّ سَعْدَ بْنَ الرَّبِيعِ أحَدَ نُقَباءِ الأنْصارِ نَشَزَتْ عَلَيْهِ امْرَأتُهُ حَبِيبَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ أبِي زُهَيْرٍ، فَلَطَمَها فانْطَلَقَ بِها أبُوها إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَشَكى فَقالَ (p-73)رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لِتَقْتَصَّ مِنهُ، فَنَزَلَتْ فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: «أرَدْنا أمْرًا وأرادَ اللَّهُ أمْرًا والَّذِي أرادَ اللَّهُ خَيْرٌ» . ﴿فالصّالِحاتُ قانِتاتٌ﴾ مُطِيعاتٌ لِلَّهِ قائِماتٌ بِحُقُوقِ الأزْواجِ. ﴿حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ﴾ لِمَواجِبِ الغَيْبِ أيْ يَحْفَظْنَ في غَيْبَةِ الأزْواجِ ما يَجِبُ حِفْظُهُ في النَّفْسِ والمالِ، وعَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: «خَيْرُ النِّساءِ امْرَأةٌ إنْ نَظَرْتَ إلَيْها سَرَّتْكَ، وإنْ أمَرْتَها أطاعَتْكَ، وإنْ غِبْتَ عَنْها حَفِظَتْكَ في مالِها ونَفْسِها» . وتَلا الآيَةَ. وَقِيلَ لِأسْرارِهِمْ. ﴿بِما حَفِظَ اللَّهُ﴾ بِحِفْظِ اللَّهِ إيّاهُنَّ بِالأمْرِ عَلى حِفْظِ الغَيْبِ والحَثِّ عَلَيْهِ بِالوَعْدِ والوَعِيدِ والتَّوْفِيقِ لَهُ، أوْ بِالَّذِي حَفِظَهُ اللَّهُ لَهُنَّ عَلَيْهِمْ مِنَ المَهْرِ والنَّفَقَةِ والقِيامِ بِحِفْظِهِنَّ والذَّبِّ عَنْهُنَّ. وقُرِئَ بِما حَفِظَ اللَّهَ بِالنَّصْبِ عَلى أنَّ ما مَوْصُولَةٌ فَإنَّها لَوْ كانَتْ مَصْدَرِيَّةً لَمْ يَكُنْ لِحَفِظَ فاعِلٌ، والمَعْنى بِالأمْرِ الَّذِي حُفِظَ حَقُّ اللَّهِ وطاعَتُهُ وهو التَّعَفُّفُ والشَّفَقَةُ عَلى الرِّجالِ. ﴿واللاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾ عِصْيانَهُنَّ وتَرَفُّعَهُنَّ عَنْ مُطاوَعَةِ الأزْواجِ مِنَ النَّشَزِ. ﴿فَعِظُوهُنَّ واهْجُرُوهُنَّ في المَضاجِعِ﴾ في المَراقِدِ فَلا تُدْخِلُوهُنَّ تَحْتَ اللَّحْفِ، أوْ لا تُباشِرُوهُنَّ فَيَكُونُ كِنايَةً عَنِ الجِماعِ. وقِيلَ المَضاجِعُ المَبايِتُ أيْ لا تُبايِتُوهُنَّ واضْرِبُوهُنَّ يَعْنِي ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ ولا شائِنٍ، والأُمُورُ الثَّلاثَةُ مُرَتَّبَةٌ يَنْبَغِي أنْ يُتَدَرَّجَ فِيها. ﴿فَإنْ أطَعْنَكم فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا﴾ بِالتَّوْبِيخِ والإيذاءِ، والمَعْنى فَأزِيلُوا عَنْهُنَّ التَّعَرُّضَ واجْعَلُوا ما كانَ مِنهُنَّ كَأنْ لَمْ يَكُنْ فَإنَّ التّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ كَمَن لا ذَنْبَ لَهُ ﴿إنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ فاحْذَرُوهُ فَإنَّهُ أقْدَرُ عَلَيْكم مِنكم عَلى مَن تَحْتِ أيْدِيكُمْ، أوْ أنَّهُ عَلى عُلُوِّ شَأْنِهِ يَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِكم ويَتُوبُ عَلَيْكم فَأنْتُمْ أحَقُّ بِالعَفْوِ عَنْ أزْواجِكُمْ، أوْ أنَّهُ يَتَعالى ويَتَكَبَّرُ أنْ يَظْلِمَ أحَدًا أوْ يَنْقُصَ حَقَّهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب