الباحث القرآني

﴿والمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ﴾ ذَواتِ الأزْواجِ، أحْصَنَهُنَّ التَّزْوِيجُ أوِ الأزْواجُ. وقَرَأ الكِسائِيُّ بِكَسْرِ الصّادِ في جَمِيعِ القُرْآنِ لِأنَّهُنَّ أحْصَنَّ فُرُوجَهُنَّ. ﴿إلا ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ﴾ يُرِيدُ ما مَلَكَتْ أيْمانُكم مِنَ اللّاتِي سُبِينَ ولَهُنَّ أزْواجٌ كُفّارٌ فَهُنَّ حَلالٌ لِلسّابِينَ، والنِّكاحُ مُرْتَفِعٌ بِالسَّبْيِ لِقَوْلِ أبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ: «أصَبْنا سَبايا يَوْمَ أوْطاسٍ ولَهُنَّ أزْواجٌ كُفّارٌ، فَكَرِهْنا أنْ نَقَعَ عَلَيْهِنَّ فَسَألْنا النَّبِيَّ ﷺ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ فاسْتَحْلَلْناهُنَّ.» وإيّاهُ عَنى الفَرَزْدَقُ بِقَوْلِهِ: ؎ وذاتُ حَلِيلٍ أنْكَحَتْها رِماحُنا ∗∗∗ حَلالٌ لِمَن يَبْنِي بِها لَمْ تُطَلَّقِ وَقالَ أبُو حَنِيفَةَ لَوْ سُبِيَ الزَّوْجانِ لَمْ يَرْتَفِعِ النِّكاحُ ولَمْ تَحِلَّ لِلسّابِي. وإطْلاقُ الآيَةِ والحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ. ﴿كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ، أيْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكم تَحْرِيمَ هَؤُلاءِ كِتابًا. وقُرِئَ «كُتُبُ» اللَّهِ بِالجَمْعِ والرَّفْعِ أيْ هَذِهِ فَرائِضُ اللَّهِ عَلَيْكم «وَكَتَبَ اللَّهُ» بِلَفْظِ الفِعْلِ. ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ﴾ عُطِفَ عَلى الفِعْلِ المُضْمَرِ الَّذِي نَصَبَ كِتابَ اللَّهِ وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ عَطْفًا عَلى حُرِّمَتْ. ﴿ما وراءَ ذَلِكُمْ﴾ ما سِوى المُحَرَّماتِ الثَّمانِ المَذْكُورَةِ. وخُصَّ عَنْهُ بِالسُّنَّةِ ما في مَعْنى المَذْكُوراتِ كَسائِرِ مُحَرَّماتِ الرِّضاعِ، والجَمْعُ بَيْنَ المَرْأةِ وعَمَّتِها وخالَتِها. ﴿أنْ تَبْتَغُوا بِأمْوالِكم مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ﴾ مَفْعُولٌ لَهُ والمَعْنى أُحِلَّ لَكم ما وراءَ ذَلِكم إرادَةَ أنْ تَبْتَغُوا النِّساءَ بِأمْوالِكم بِالصَّرْفِ في مُهُورِهِنَّ، أوْ أثْمانِهِنَّ في حالِ كَوْنِكم مُحْصَنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ، ويَجُوزُ أنْ لا يُقَدَّرَ مَفْعُولُ تَبْتَغُوا وكَأنَّهُ قِيلَ إرادَةَ أنْ يَصْرِفُوا أمْوالَكم مُحْصَنِينَ غَيْرَ (p-69) مُسافِحِينَ أوْ بَدَلٌ مِمّا وراءَ ذَلِكَ بَدَلُ الِاشْتِمالِ. واحْتَجَّ بِهِ الحَنَفِيَّةُ عَلى أنَّ المَهْرَ لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ مالًا. ولا حُجَّةَ فِيهِ. والإحْصانُ العِفَّةُ فَإنَّها تَحْصِينٌ لِلنَّفْسِ عَنِ اللَّوْمِ والعِقابِ، والسِّفاحُ الزِّنا مِنَ السَّفْحِ وهو صَبُّ المَنِيِّ فَإنَّهُ الغَرَضُ مِنهُ. ﴿فَما اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنهُنَّ﴾ فَمَن تَمَتَّعْتُمْ بِهِ مِنَ المَنكُوحاتِ، أوْ فَما اسْتَمَعْتُمْ بِهِ مِنهُنَّ مِن جِماعٍ أوْ عَقْدٍ عَلَيْهِنَّ. ﴿فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ مُهُورَهُنَّ فَإنَّ المَهْرَ في مُقابَلَةِ الِاسْتِمْتاعِ. ﴿فَرِيضَةً﴾ حالٌ مِنَ الأُجُورِ بِمَعْنى مَفْرُوضَةً، أوْ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أيْ إيتاءً مَفْرُوضًا أوْ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ. ﴿وَلا جُناحَ عَلَيْكم فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الفَرِيضَةِ﴾ فِيما يُزادُ عَلى المُسَمّى أوْ يُحَطُّ عَنْهُ بِالتَّراضِي، أوْ فِيما تَراضَيا بِهِ مِن نَفَقَةٍ أوْ مَقامٍ أوْ فِراقٍ. وقِيلَ: نَزَلَتِ الآيَةُ في المُتْعَةِ الَّتِي كانَتْ ثَلاثَةَ أيّامٍ حِينَ فُتِحَتْ مَكَّةُ ثُمَّ نُسِخَتْ لِما رُوِيَ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أباحَها ثُمَّ أصْبَحَ يَقُولُ: «يا أيُّها النّاسُ إنِّي كُنْتُ أمَرْتُكم بِالِاسْتِمْتاعِ مِن هَذِهِ النِّساءِ ألا إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ ذَلِكَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ».» وَهِيَ النِّكاحُ المُؤَقَّتُ بِوَقْتٍ مَعْلُومٍ سُمِّيَ بِها إذِ الغَرَضُ مِنهُ مُجَرَّدُ الِاسْتِمْتاعِ بِالمَرْأةِ، أوْ تَمْتِيعِها بِما تُعْطى. وجَوَّزَها ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ. ﴿إنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا﴾ بِالمَصالِحِ. ﴿حَكِيمًا﴾ فِيما شَرَعَ مِنَ الأحْكامِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب