الباحث القرآني

﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ في النِّساءِ﴾ في مِيراثِهِنَّ إذْ سَبَبُ نُزُولِهِ « (أنَّ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ أتى النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: أُخْبِرْنا أنَّكَ تُعْطِي الِابْنَةَ النِّصْفَ والأُخْتَ النِّصْفَ، وإنَّما كُنّا نُورِثُ مَن يَشْهَدُ القِتالَ ويَحُوزُ الغَنِيمَةَ فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: كَذَلِكَ أُمِرْتُ".» ﴿قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكم فِيهِنَّ﴾ يُبَيِّنُ لَكم حُكْمَهُ فِيهِنَّ والإفْتاءُ تَبْيِينُ المُبْهَمِ. ﴿وَما يُتْلى عَلَيْكم في الكِتابِ﴾ عُطِفَ عَلى اسْمِ اللَّهِ تَعالى، أوْ ضَمِيرِهِ المُسْتَكِنِّ في يُفْتِيكم وساغَ لِلْفَصْلِ فَيَكُونُ الإفْتاءُ مُسْنَدًا إلى اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى وإلى ما في القُرْآنِ مِن قَوْلِهِ تَعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ ونَحْوَهُ، والفِعْلُ الواحِدُ يُنْسَبُ إلى فاعِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِاعْتِبارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، ونَظِيرُهُ أغْنانِي زَيْدٌ وعَطاؤُهُ، أوِ اسْتِئْنافٌ مُعْتَرِضٌ لِتَعْظِيمِ المَتْلُوِّ عَلَيْهِمْ عَلى أنَّ ما يُتْلى عَلَيْكم مُبْتَدَأٌ وفي الكِتابِ خَبَرُهُ. والمُرادُ بِهِ اللَّوْحُ المَحْفُوظُ، ويَجُوزُ أنْ يُنْصَبَ عَلى مَعْنى ويُبَيِّنَ لَكم ما يُتْلى عَلَيْكم أوْ يُخْفَضَ عَلى القَسَمِ كَأنَّهُ قِيلَ: وأُقْسِمُ بِما يُتْلى عَلَيْكم في الكِتابِ، ولا يَجُوزُ عَطْفُهُ عَلى المَجْرُورِ في فِيهِنَّ لِاخْتِلالِهِ لَفْظًا ومَعْنًى ﴿فِي يَتامى النِّساءِ﴾ صِلَةُ يُتْلى إنْ عُطِفَ المَوْصُولُ عَلى ما قَبْلَهُ أيْ يُتْلى عَلَيْكم في شَأْنِهِنَّ وإلّا فَبَدَلٌ مِن فِيهِنَّ، أوْ صِلَةٌ أُخْرى لِيُفْتِيكم عَلى مَعْنى اللَّهُ يُفْتِيكم فِيهِنَّ بِسَبَبِ يَتامى النِّساءِ كَما تَقُولُ: كَلَّمْتُكَ اليَوْمَ في زَيْدٍ، وهَذِهِ الإضافَةُ بِمَعْنى مَن لِأنَّها إضافَةُ الشَّيْءِ إلى جِنْسِهِ. وقُرِئَ «يَيامى» بِياءَيْنِ عَلى أنَّهُ أيامى فَقُلِبَتْ هَمْزَتُهُ ياءً. ﴿اللاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ﴾ أيْ فُرِضَ لَهُنَّ مِنَ المِيراثِ ﴿وَتَرْغَبُونَ أنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ في أنْ تَنْكِحُوهُنَّ، أوْ عَنْ أنْ تَنْكِحُوهُنَّ. فَإنَّ أوْلِياءَ اليَتامى كانُوا أيْ يَرْغَبُونَ فِيهِنَّ إنْ كُنَّ جَمِيلاتٍ ويَأْكُلُونَ ما لَهُنَّ، وإلّا كانُوا يَعْضُلُونَهُنَّ طَمَعًا في مِيراثِهِنَّ والواوُ تَحْتَمِلُ الحالَ والعَطْفَ، ولَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلى جَوازِ تَزْوِيجِ اليَتِيمَةِ إذْ لا يَلْزَمُ مِنَ الرَّغْبَةِ في نِكاحِها جَرَيانُ العَقْدِ في صِغَرِها. ﴿والمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الوِلْدانِ﴾ عُطِفَ عَلى يَتامى النِّساءِ، والعَرَبُ ما كانُوا يُوَرِّثُونَهم كَما لا يُوَرِّثُونَ النِّساءَ. ﴿وَأنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالقِسْطِ﴾ أيْضًا عُطِفَ عَلَيْهِ أيْ ويُفْتِيكم أوْ ما يُتْلى في أنْ تَقُومُوا، هَذا إذا جَعَلْتَ في يَتامى صِلَةً لِأحَدِهِما فَإنْ جَعَلْتَهُ بَدَلًا فالوَجْهُ نَصْبُهُما عَطْفًا عَلى مَوْضِعِ فِيهِنَّ، ويَجُوزُ أنْ يُنْصَبَ وأنْ تَقُومُوا بِإضْمارِ فِعْلٍ أيْ: ويَأْمُرُكم أنْ تَقُومُوا، وهو خِطابٌ لِلْأئِمَّةِ في أنْ يَنْظُرُوا لَهم ويَسْتَوْفُوا حُقُوقَهُمْ، أوْ لِلْقِوامِ بِالنَّصَفَةِ في شَأْنِهِمْ. ﴿وَما تَفْعَلُوا مِن خَيْرٍ فَإنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيمًا﴾ وعْدٌ لِمَن آثَرَ الخَيْرَ في ذَلِكَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب