﴿والطَّيْرَ مَحْشُورَةً﴾ إلَيْهِ مِن كُلِّ جانِبٍ، وإنَّما لَمْ يُراعِ المُطابَقَةَ بَيْنَ الحالَيْنِ؛ لِأنَّ الحَشْرَ جُمْلَةً أدَلُّ عَلى القُدْرَةِ مِنهُ مُدَرَّجًا، وقُرِئَ «والطَّيْرُ مَحْشُورَةٌ» بِالمُبْتَدَأِ والخَبَرِ. ﴿كُلٌّ لَهُ أوّابٌ﴾ كُلُّ واحِدٍ مِنَ الجِبالِ والطَّيْرِ لِأجْلِ تَسْبِيحِهِ رَجّاعٌ إلى التَّسْبِيحِ، والفَرْقُ بَيْنَهُ وبَيْنَ ما قَبْلَهُ أنَّهُ يَدُلُّ عَلى المُوافَقَةِ في التَّسْبِيحِ وهَذا عَلى المُداوَمَةِ عَلَيْها، أوْ كُلٌّ مِنهُما ومِن داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ مُرْجِعٌ لِلَّهِ التَّسْبِيحَ.
﴿وَشَدَدْنا مُلْكَهُ﴾ وقَوَّيْناهُ بِالهَيْبَةِ والنُّصْرَةِ وكَثْرَةِ الجُنُودِ، وقُرِئَ بِالتَّشْدِيدِ لِلْمُبالَغَةِ. قِيلَ: إنَّ رَجُلًا ادَّعى بَقَرَةً عَلى آخَرَ وعَجَزَ عَنِ البَيانِ، فَأوْحى إلَيْهِ أنِ اقْتُلِ المُدَّعى عَلَيْهِ فَأعْلَمَهُ فَقالَ: صَدَقْتَ إنِّي قَتَلْتُ أباهُ وأخَذْتُ البَقَرَةَ فَعَظُمَتْ بِذَلِكَ هَيْبَتُهُ. ﴿وَآتَيْناهُ الحِكْمَةَ﴾ النُّبُوَّةَ أوْ كَمالَ العِلْمِ وإتْقانَ العَمَلِ. ﴿وَفَصْلَ الخِطابِ﴾ وفَصْلَ الخِصامِ بِتَمْيِيزِ الحَقِّ عَنِ الباطِلِ، أوِ الكَلامِ المُخَلِّصِ الَّذِي يُنَبِّهُ المُخاطَبَ عَلى المَقْصُودِ مِن غَيْرِ التِباسٍ يُراعى فِيهِ مَظانُّ الفَصْلِ والوَصْلِ والعَطْفِ والِاسْتِئْنافِ، والإضْمارِ والإظْهارِ والحَذْفِ والتَّكْرارِ ونَحْوِها، وإنَّما سُمِّيَ بِهِ أمّا بَعْدٌ لِأنَّهُ يَفْصِلُ المَقْصُودَ عَمّا سَبَقَ مُقَدِّمَةً لَهُ مِنَ الحَمْدِ والصَّلاةِ، وقِيلَ: هو الخِطابُ القَصْدُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ اخْتِصارٌ مُخِلٌّ ولا إشْباعٌ مُمِلٌّ كَما جاءَ في وصْفِ كَلامِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامٌ «فَصْلٌ لا نَزْرٌ ولا هَذْرٌ» .(p-27)
{"ayahs_start":19,"ayahs":["وَٱلطَّیۡرَ مَحۡشُورَةࣰۖ كُلࣱّ لَّهُۥۤ أَوَّابࣱ","وَشَدَدۡنَا مُلۡكَهُۥ وَءَاتَیۡنَـٰهُ ٱلۡحِكۡمَةَ وَفَصۡلَ ٱلۡخِطَابِ"],"ayah":"وَٱلطَّیۡرَ مَحۡشُورَةࣰۖ كُلࣱّ لَّهُۥۤ أَوَّابࣱ"}