الباحث القرآني

﴿فاسْتَفْتِهِمْ ألِرَبِّكَ البَناتُ ولَهُمُ البَنُونَ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى مِثْلِهِ، في أوَّلِ السُّورَةِ أمَرَ رَسُولَهُ أوَّلًا بِاسْتِفْتاءِ قُرَيْشٍ عَنْ وجْهِ إنْكارِهِمُ البَعْثَ، وساقَ الكَلامَ في تَقْرِيرِهِ جارًّا لِما يُلائِمُهُ مِنَ القِصَصِ مَوْصُولًا بَعْضُها بِبَعْضٍ، ثُمَّ أمَرَ بِاسْتِفْتائِهِمْ عَنْ وجْهِ القِسْمَةِ حَيْثُ جَعَلُوا لِلَّهِ البَناتِ ولِأنْفُسِهِمُ البَنِينَ في قَوْلِهِمُ: المَلائِكَةُ بَناتُ اللَّهِ، وهَؤُلاءِ زادُوا عَلى الشِّرْكِ ضَلالاتٍ أُخَرَ، التَّجْسِيمُ وتَجْوِيزُ الفَناءِ عَلى اللَّهِ تَعالى، فَإنَّ الوِلادَةَ مَخْصُوصَةٌ بِالأجْسامِ الكائِنَةِ الفاسِدَةِ، وتَفْضِيلُ أنْفُسِهِمْ عَلَيْهِ حَيْثُ جَعَلُوا أوْضَعَ الجِنْسَيْنِ لَهُ وأرْفَعَهُما لَهُمْ، واسْتِهانَتُهم بِالمَلائِكَةِ حَيْثُ أنَّثُوهم ولِذَلِكَ كَرَّرَ اللَّهُ تَعالى إنْكارَ ذَلِكَ وإبْطالَهُ في كِتابِهِ مِرارًا، وجَعَلَهُ مِمّا ﴿تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنهُ وتَنْشَقُّ الأرْضُ وتَخِرُّ الجِبالُ هَدًّا﴾، والإنْكارُ هاهُنا مَقْصُورٌ عَلى الأخِيرَيْنِ لِاخْتِصاصِ هَذِهِ الطّائِفَةِ بِهِما، أوْ لِأنَّ فَسادَهُما مِمّا تُدْرِكُهُ العامَّةُ بِمُقْتَضى طِباعِهِمْ حَيْثُ جَعَلَ المُعادِلَ لِلِاسْتِفْهامِ عَنِ التَّقْسِيمِ. ﴿أمْ خَلَقْنا المَلائِكَةَ إناثًا وهم شاهِدُونَ﴾ وإنَّما خَصَّ عِلْمَ المُشاهَدَةِ لِأنَّ أمْثالَ ذَلِكَ لا تُعْلَمُ إلّا بِها، فَإنَّ الأُنُوثَةَ لَيْسَتْ مِن لَوازِمِ ذاتِهِمْ لِتَمَكُّنِ مَعْرِفَتِهِ بِالعَقْلِ الصِّرْفِ مَعَ ما فِيهِ مِنَ الِاسْتِهْزاءِ، والإشْعارِ بِأنَّهم لِفَرْطِ جَهْلِهِمْ يَبُتُّونَ بِهِ كَأنَّهم قَدْ شاهَدُوا خَلْقَهم. ﴿ألا إنَّهم مِن إفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ﴾ ﴿وَلَدَ اللَّهُ﴾ لِعَدَمِ ما يَقْتَضِيهِ وقِيامِ ما يَنْفِيهِ. ﴿وَإنَّهم لَكاذِبُونَ﴾ فِيما يَتَدَيَّنُونَ بِهِ، وقُرِئَ «وَلَدُ اللَّهِ» أيِ المَلائِكَةُ ولَدُهُ، فَعَلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ يَسْتَوِي فِيهِ الواحِدُ والجَمْعُ والمُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب