الباحث القرآني

﴿ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ أنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفًا ألْوانُها﴾ أجْناسُها وأصْنافُها عَلى أنَّ كُلًّا مِنها ذُو أصْنافٍ مُخْتَلِفَةٍ، أوْ هَيْئاتُها مِنَ الصُّفْرَةِ والخُضْرَةِ ونَحْوِهِما. ﴿وَمِنَ الجِبالِ جُدَدٌ﴾ أيْ ذُو جُدَدٍ أيْ خُطَطٍ وطَرائِقَ يُقالُ جُدَّةُ الحِمارِ لِلْخُطَّةِ السَّوْداءِ عَلى ظَهْرِهِ، وقُرِئَ «جُدُدٌ» بِالضَّمِّ جَمْعُ جَدِيدَةٍ بِمَعْنى الجِدَّةِ وجَدَدٌ بِفَتْحَتَيْنِ وهو الطَّرِيقُ الواضِحُ. ﴿بِيضٌ وحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ ألْوانُها﴾ بِالشِّدَّةِ والضَّعْفِ. ﴿وَغَرابِيبُ سُودٌ﴾ عُطِفَ عَلى ( بِيضٌ ) أوْ عَلى ( جُدَدٌ ) كَأنَّهُ قِيلَ: ومِنَ الجِبالِ ذُو جُدَدٍ مُخْتَلِفَةِ اللَّوْنِ ومِنها ( غَرابِيبُ ) مُتَّحِدَةُ اللَّوْنِ، وهو تَأْكِيدٌ مُضْمَرٌ يُفَسِّرُهُ ما بَعْدَهُ فَإنَّ الغِرْبِيبَ تَأْكِيدٌ لِلْأسْوَدِ ومِن حَقِّ التَّأْكِيدِ أنْ يَتْبَعَ المُؤَكَّدَ ونَظِيرُ ذَلِكَ في الصِّفَةِ قَوْلُ النّابِغَةِ: ؎ والمُؤْمِنُ العائِذاتُ الطَّيْرُ يَمْسَحُها وَفِي مِثْلِهِ مَزِيدُ تَأْكِيدٍ لِما فِيهِ مِنَ التَّكْرِيرِ بِاعْتِبارِ الإضْمارِ والإظْهارِ. ﴿وَمِنَ النّاسِ والدَّوابِّ والأنْعامِ مُخْتَلِفٌ ألْوانُهُ كَذَلِكَ﴾ كاخْتِلافِ الثِّمارِ والجِبالِ. ﴿إنَّما يَخْشى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ﴾ إذْ شَرْطُ الخَشْيَةِ مَعْرِفَةُ المَخْشِيِّ والعِلْمُ بِصِفاتِهِ وأفْعالِهِ، فَمَن كانَ أعْلَمَ بِهِ كانَ أخْشى مِنهُ ولِذَلِكَ قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ «إنِّي أخْشاكم لِلَّهِ وأتْقاكم لَهُ» ولِذَلِكَ أتْبَعَهُ بِذِكْرِ أفْعالِهِ الدّالَّةِ عَلى كَمالِ قُدْرَتِهِ، وتَقْدِيمُ المَفْعُولِ لِأنَّ المَقْصُودَ حَصْرُ الفاعِلِيَّةِ ولَوْ أُخِّرَ انْعَكَسَ الأمْرُ. وقُرِئَ بِرَفْعِ اسْمِ اللَّهِ ونَصْبِ العُلَماءِ عَلى أنَّ الخَشْيَةَ مُسْتَعارَةٌ لِلتَّعْظِيمِ فَإنَّ المُعْظِّمَ يَكُونُ مَهِيبًا. ﴿إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ تَعْلِيلٌ لِوُجُوبِ الخَشْيَةِ لِدَلالَتِهِ عَلى أنَّهُ مُعاقِبٌ لِلْمُصِرِّ عَلى طُغْيانِهِ غَفُورٌ لِلتّائِبِ عَنْ عِصْيانِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب