الباحث القرآني

.(p-237) ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾ إلّا وقْتَ أنْ يُؤْذَنَ لَكم أوْ إلّا مَأْذُونًا لَكم. ﴿إلى طَعامٍ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِـ ( يُؤْذَنَ ) لِأنَّهُ مُتَضَمَّنٌ مَعْنى يُدْعى لِلْإشْعارِ بِأنَّهُ لا يَحْسُنُ الدُّخُولُ عَلى الطَّعامِ مِن غَيْرِ دَعْوَةٍ وإنْ أُذِنَ كَما أشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ: ﴿غَيْرَ ناظِرِينَ إناهُ﴾ غَيْرَ مُنْتَظَرِينَ وقْتَهُ، أوْ إدْراكَهُ حالٌ مِن فاعِلِ ( لا تَدْخُلُوا ) أوِ المَجْرُورِ في ( لَكم ) . وقُرِئَ بِالجَرِّ صِفَةٌ لِطَعامٍ فَيَكُونُ جارِيًا عَلى غَيْرِ مَن هو لَهُ بِلا إبْرازِ الضَّمِيرِ، وهو غَيْرُ جائِزٍ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ وقَدْ أمالَ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ إناهُ لِأنَّهُ مَصْدَرُ أنى الطَّعامَ إذا أدْرَكَ. ﴿وَلَكِنْ إذا دُعِيتُمْ فادْخُلُوا فَإذا طَعِمْتُمْ فانْتَشِرُوا﴾ تَفَرَّقُوا ولا تَمْكُثُوا، ولِأنَّهُ خِطابٌ لِقَوْمٍ كانُوا يَتَحَيَّنُونَ طَعامَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَيَدْخُلُونَ ويَقْعُدُونَ مُنْتَظِرِينَ لِإدْراكِهِ، مَخْصُوصَةٌ بِهِمْ وبِأمْثالِهِمْ وإلّا لَما جازَ لِأحَدٍ أنْ يَدْخُلَ بُيُوتَهُ بِالإذْنِ لِغَيْرِ الطَّعامِ ولا اللُّبْثِ بَعْدَ الطَّعامِ لِمُهِمٍّ. ﴿وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ﴾ لِحَدِيثِ بَعْضِكم بَعْضًا، أوْ لِحَدِيثِ أهْلِ البَيْتِ بِالتَّسَمُّعِ لَهُ عُطِفَ عَلى ﴿ناظِرِينَ﴾ أوْ مُقَدَّرٌ بِفِعْلٍ أيْ: ولا تَدْخُلُوا أوْ ولا تَمْكُثُوا مُسْتَأْنِسِينَ. ﴿إنَّ ذَلِكُمْ﴾ اللُّبْثَ ﴿كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ﴾ لِتَضْيِيقِ المَنزِلِ عَلَيْهِ وعَلى أهْلِهِ وإشْغالِهِ بِما لا يَعْنِيهِ. ﴿فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ﴾ مِن إخْراجِكم بِقَوْلِهِ: ﴿واللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ﴾ يَعْنِي أنَّ إخْراجَكم حَقٌّ فَيَنْبَغِي أنْ لا يُتْرَكَ حَياءً كَما لَمْ يَتْرُكْهُ اللَّهُ تَرْكَ الحَيِيِّ فَأمَرَكم بِالخُرُوجِ، وقُرِئَ «لا يَسْتَحِي» بِحَذْفِ الياءِ الأُولى وإلْقاءِ حَرَكَتِها عَلى الحاءِ. ﴿وَإذا سَألْتُمُوهُنَّ مَتاعًا﴾ شَيْئًا يُنْتَفَعُ بِهِ. ﴿فاسْألُوهُنَّ﴾ المَتاعَ. ﴿مِن وراءِ حِجابٍ﴾ سِتْرٍ. رُوِيَ «أنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ يَدْخُلُ عَلَيْكَ البَرُّ والفاجِرُ فَلَوْ أمَرْتَ أُمَّهاتِ المُؤْمِنِينَ بِالحِجابِ فَنَزَلَتْ» . وَقِيلَ «أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كانَ يَطْعَمُ ومَعَهُ بَعْضُ أصْحابِهِ، فَأصابَتْ يَدُ رَجُلٍ يَدَ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها فَكَرِهَ النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ فَنَزَلَتْ» . ﴿ذَلِكم أطْهَرُ لِقُلُوبِكم وقُلُوبِهِنَّ﴾ مِنَ الخَواطِرِ النَّفْسانِيَّةِ الشَّيْطانِيَّةِ. ﴿وَما كانَ لَكُمْ﴾ وما صَحَّ لَكم. ﴿أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾ أنْ تَفْعَلُوا ما يَكْرَهُهُ. ﴿وَلا أنْ تَنْكِحُوا أزْواجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَدًا﴾ مِن بَعْدِ وفاتِهِ أوْ فِراقِهِ، وخَصَّ الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِها، لِما رُوِيَ أنَّ أشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ تَزَوَّجَ المُسْتَعِيذَةَ في أيّامِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَهَمَّ بِرَجْمِها، فَأُخْبِرَ بِأنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فارَقَها قَبْلَ أنْ يَمَسَّها فَتَرَكَها مِن غَيْرِ نَكِيرٍ. ﴿إنَّ ذَلِكُمْ﴾ يَعْنِي إيذاءَهُ ونِكاحَ نِسائِهِ. ﴿كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا﴾ ذَنْبًا عَظِيمًا، وفِيهِ تَعْظِيمٌ مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ وإيجابٌ لِحُرْمَتِهِ حَيًّا ومَيِّتًا ولِذَلِكَ بالَغَ في الوَعِيدِ عَلَيْهِ فَقالَ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب