الباحث القرآني

(p-201)( 30 سُورَةُ الرُّومِ مَكِّيَّةٌ إلّا قَوْلَهُ ﴿فَسُبْحانَ اللَّهِ﴾ الآيَةَ وآيُها سِتُّونَ أوْ تِسْعٌ وخَمْسُونَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ( ﴿الم﴾ . ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ ﴿فِي أدْنى الأرْضِ﴾ أرْضِ العَرَبِ مِنهم لِأنَّها الأرْضُ المَعْهُودَةُ عِنْدَهم، أوْ في أدْنى أرْضِهِمْ مِنَ العَرَبِ واللّامُ بَدَلٌ مِنَ الإضافَةِ. ﴿وَهم مِن بَعْدِ غَلَبِهِمْ﴾ مِن إضافَةِ المَصْدَرِ إلى المَفْعُولِ، وقُرِئَ «غَلْبِهِمْ» وهو لُغَةٌ كالجَلَبِ والجَلْبِ. ﴿سَيَغْلِبُونَ﴾ . ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ رُوِيَ «أنَّ فارِسَ غَزَوُا الرُّومَ فَوافُوهم بِأذْرِعاتٍ وبُصْرى، وقِيلَ بِالجَزِيرَةِ وهي أدْنى أرْضِ الرُّومِ مِنَ الفُرْسِ فَغَلَبُوا عَلَيْهِمْ وبَلَغَ الخَبَرُ مَكَّةَ فَفَرِحَ المُشْرِكُونَ وشَمِتُوا بِالمُسْلِمِينَ وقالُوا: أنْتُمْ والنَّصارى أهْلُ كِتابٍ ونَحْنُ وفارِسُ أُمِّيُّونَ وقَدْ ظَهَرَ إخْوانُنا عَلى إخْوانِكم ولَنَظْهَرَنَّ عَلَيْكم فَنَزَلَتْ، فَقالَ لَهم أبُو بَكْرٍ: لا يُقِرَّنَ اللَّهُ أُعِينَكم فَواللَّهِ لَتَظْهَرَنَّ الرُّومُ عَلى فارِسَ بَعْدَ بِضْعِ سِنِينَ، فَقالَ لَهُ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ: كَذَبْتَ اجْعَلْ بَيْنَنا أجَلًا أُناحِبُكَ عَلَيْهِ، فَناحَبَهُ عَلى عَشْرِ قَلائِصَ مِن كُلِّ واحِدٍ مِنهُما وجَعَلا الأجَلَ ثَلاثَ سِنِينَ، فَأخْبَرَ أبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ البِضْعُ ما بَيْنَ الثَّلاثِ إلى التِّسْعِ فَزايَدَهُ في الخَطَرِ ومادَّهُ في الأجَلِ، فَجَعَلاهُ مِائَةَ قَلُوصٍ إلى تِسْعِ سِنِينَ وماتَ أُبَيٌّ مِن جَرْحِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ قُفُولِهِ مِن أُحُدٍ وظَهَرَتِ الرُّومُ عَلى فارِسَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ فَأخَذَ أبُو بَكْرٍ الخَطَرَ مِن ورَثَةِ أُبَيٍّ، وجاءَ بِهِ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ تَصَدَّقْ بِهِ» . واسْتَدَلَّتْ بِهِ الحَنَفِيَّةُ عَلى جَوازِ العُقُودِ الفاسِدَةِ في دارِ الحَرْبِ، وأُجِيبَ بِأنَّهُ كانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ القِمارِ، والآيَةُ مِن دَلائِلِ النُّبُوَّةِ لِأنَّها إخْبارٌ عَنِ الغَيْبِ. وقُرِئَ «غَلَبَتْ» بِالفَتْحِ و «سَيُغْلَبُونَ» بِالضَّمِّ ومَعْناهُ أنَّ الرُّومَ غَلَبُوا عَلى رِيفِ الشّامِ والمُسْلِمُونَ سَيَغْلِبُونَهم، وفي السَّنَةِ التّاسِعَةِ مِن نُزُولِهِ غَزاهُمُ المُسْلِمُونَ وفَتَحُوا بَعْضَ بِلادِهِمْ وعَلى هَذا تَكُونُ إضافَةُ الغَلَبِ إلى الفاعِلِ. ﴿لِلَّهِ الأمْرُ مِن قَبْلُ ومِن بَعْدُ﴾ مِن قَبْلِ كَوْنِهِمْ غالِبِينَ وهو وقْتُ كَوْنِهِمْ مَغْلُوبِينَ، ومِن بَعْدِ كَوْنِهِمْ مَغْلُوبِينَ وهو وقْتُ كَوْنِهِمْ غالِبِينَ أيْ لَهُ الأمْرُ حِينَ غَلَبُوا وحِينَ يُغْلَبُونَ لَيْسَ شَيْءٌ مِنهُما إلّا بِقَضائِهِ، وقُرِئَ «مِن قَبْلُ ومِن بَعْدُ» مِن غَيْرِ تَقْدِيرِ مُضافٍ إلَيْهِ كَأنَّهُ قِيلَ قَبْلًا وبَعْدًا أيْ أوَّلًا وآخِرًا. ﴿وَيَوْمَئِذٍ﴾ ويَوْمَ تَغْلِبُ الرُّومُ. ﴿يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ﴾ . ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ مَن لَهُ كِتابٌ عَلى مَن لا كِتابَ لَهُ لِما فِيهِ مِنَ انْقِلابِ التَّفاؤُلِ وظُهُورِ صِدْقِهِمْ فِيما أخْبَرا بِهِ المُشْرِكِينَ وغَلَبَتِهِمْ في رِهانِهِمْ وازْدِيادِ يَقِينِهِمْ وثَباتِهِمْ في دِينِهِمْ، وقِيلَ بِنَصْرِ اللَّهِ المُؤْمِنِينَ بِإظْهارِ صِدْقِهِمْ أوْ بِأنْ ولِيَ بَعْضُ أعْدائِهِمْ بَعْضًا حَتّى تَفانَوْا. ﴿يَنْصُرُ مَن يَشاءُ﴾ فَيَنْصُرُ هَؤُلاءِ تارَةً وهَؤُلاءِ أُخْرى. ﴿وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ يَنْتَقِمُ مِن عِبادِهِ بِالنَّصْرِ عَلَيْهِمْ تارَةً ويَتَفَضَّلُ عَلَيْهِمْ بِنَصْرِهِمْ أُخْرى.(p-202)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب