﴿وَمِن أهْلِ الكِتابِ مَن إنْ تَأْمَنهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ﴾ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ اسْتَوْدَعَهُ قُرَشِيٌّ ألْفًا ومِائَتَيْ أُوقِيَّةٍ ذَهَبًا فَأدّاهُ إلَيْهِ، ومِنهم مَن إنْ تَأْمَنهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ كَفِنْحاصَ بْنِ عازُوراءَ اسْتَوْدَعَهُ قُرَشِيٌّ آخَرُ دِينارًا (p-24)
فَجَحَدَهُ. وقِيلَ المَأْمُونُونَ عَلى الكَثِيرِ النَّصارى إذِ الغالِبُ فِيهِمُ الأمانَةُ، والخائِنُونَ في القَلِيلِ اليَهُودُ إذِ الغالِبُ عَلَيْهِمُ الخِيانَةُ. وقَرَأ حَمْزَةُ وأبُو بَكْرٍ وأبُو عَمْرٍو يُؤَدِّهِ إلَيْكَ ولا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ بِإسْكانِ الهاءِ وقالُونَ بِاخْتِلاسِ كَسْرَةِ الهاءِ وكَذا رُوِيَ عَنْ حَفْصٍ والباقُونَ بِإشْباعِ الكَسْرَةِ. ﴿إلا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا﴾ إلّا مُدَّةَ دَوامِكَ قائِمًا عَلى رَأْسِهِ مُبالِغًا في مُطالَبَتِهِ بِالتَّقاضِي والتَّرافُعِ وإقامَةِ البَيِّنَةِ. ﴿ذَلِكَ﴾ إشارَةٌ إلى تَرْكِ الأداءِ المَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لا يُؤَدِّهِ. ﴿بِأنَّهم قالُوا﴾ بِسَبَبِ قَوْلِهِمْ. ﴿لَيْسَ عَلَيْنا في الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ﴾ أيْ لَيْسَ عَلَيْنا في شَأْنِ مَن لَيْسُوا مِن أهْلِ الكِتابِ، ولَمْ يَكُونُوا عَلى دِينِنا، عِتابٌ وذَمٌّ. ﴿وَيَقُولُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ﴾ بِادِّعائِهِمْ ذَلِكَ ﴿وَهم يَعْلَمُونَ﴾ أنَّهم كاذِبُونَ، وذَلِكَ لِأنَّهُمُ اسْتَحَلُّوا ظُلْمَ مَن خالَفَهم وقالُوا: لَمْ يُجْعَلْ لَهم في التَّوْراةِ حُرْمَةٌ. وقِيلَ عامَلَ اليَهُودُ رِجالًا مِن قُرَيْشٍ فَلَمّا أسْلَمُوا تَقاضُوهم فَقالُوا سَقَطَ حَقُّكم حَيْثُ تَرَكْتُمْ دِينَكم وزَعَمُوا أنَّهُ كَذَلِكَ في كِتابِهِمْ.
وَعَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ عِنْدَ نُزُولِها «كَذِبَ أعْداءُ اللَّهِ ما مِن شَيْءٍ في الجاهِلِيَّةِ إلّا وهو تَحْتَ قَدَمِي إلّا الأمانَةَ فَإنَّها مُؤَدّاةٌ إلى البَرِّ والفاجِرِ».»
{"ayah":"۞ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مَنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِقِنطَارࣲ یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ وَمِنۡهُم مَّنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِدِینَارࣲ لَّا یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ إِلَّا مَا دُمۡتَ عَلَیۡهِ قَاۤىِٕمࣰاۗ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوا۟ لَیۡسَ عَلَیۡنَا فِی ٱلۡأُمِّیِّـۧنَ سَبِیلࣱ وَیَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ"}