الباحث القرآني

﴿قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فاتَّبِعُونِي﴾ المَحَبَّةُ مَيْلُ النَّفْسِ إلى الشَّيْءِ لِكَمالٍ أدْرَكَتْهُ فِيهِ، بِحَيْثُ يَحْمِلُها عَلى ما يُقَرِّبُها إلَيْهِ، والعَبْدُ إذا عَلِمَ أنَّ الكَمالَ الحَقِيقِيَّ لَيْسَ إلّا لِلَّهِ، وأنَّ كُلَّ ما يَراهُ كَمالًا مِن نَفْسِهِ أوْ غَيْرِهِ فَهو مِنَ اللَّهِ وبِاللَّهِ وإلى اللَّهِ لَمْ يَكُنْ حُبُّهُ إلّا لِلَّهِ وفي اللَّهِ وذَلِكَ يَقْتَضِي إرادَةَ طاعَتِهِ والرَّغْبَةَ فِيما يُقَرِّبُهُ إلَيْهِ، فَلِذَلِكَ فُسِّرَتِ المَحَبَّةُ بِإرادَةِ الطّاعَةِ وجُعِلَتْ مُسْتَلْزَمَةً لِاتِّباعِ الرَّسُولِ في عِبادَتِهِ والحِرْصِ عَلى مُطاوَعَتِهِ. ﴿يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ويَغْفِرْ لَكم ذُنُوبَكُمْ﴾ جَوابٌ لِلْأمْرِ أيْ يَرْضَ عَنْكم ويَكْشِفِ الحُجُبَ عَنْ قُلُوبِكم بِالتَّجاوُزِ عَمّا فَرَطَ مِنكم فَيُقَرِّبُكم مِن جَنابِ عِزِّهِ ويُبَوِّئُكم في جِوارِ قُدْسِهِ، عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالمَحَبَّةِ عَلى طَرِيقِ الِاسْتِعارَةِ أوِ المُقابَلَةِ. ﴿واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لِمَن تَحَبَّبَ إلَيْهِ بِطاعَتِهِ واتِّباعِ نَبِيِّهِ ﷺ. رُوِيَ: أنَّها نَزَلَتْ لَمّا قالَتِ اليَهُودُ نَحْنُ أبْناءُ اللَّهِ وأحِبّاؤُهُ. وقِيلَ: نَزَلَتْ في وفْدِ نَجْرانَ لَمّا قالُوا: إنَّما نَعْبُدُ المَسِيحَ حُبًّا لِلَّهِ. وقِيلَ: في أقْوامٍ زَعَمُوا عَلى عَهْدِهِ ﷺ أنَّهم يُحِبُّونَ اللَّهَ فَأُمِرُوا أنْ يَجْعَلُوا لِقَوْلِهِمْ تَصْدِيقًا مِنَ العَمَلِ. ﴿قُلْ أطِيعُوا اللَّهَ والرَّسُولَ فَإنْ تَوَلَّوْا﴾ يَحْتَمِلُ المُضِيَّ والمُضارَعَةَ بِمَعْنى فَإنْ تَتَوَلَّوْا. ﴿فَإنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الكافِرِينَ﴾ لا يَرْضى عَنْهم ولا يُثْنِي عَلَيْهِمْ، وإنَّما لَمْ يَقُلْ لا يُحِبُّهم لِقَصْدِ العُمُومِ والدَّلالَةِ عَلى أنَّ التَّوَلِّيَ كُفْرٌ، وإنَّهُ مِن هَذِهِ الحَيْثِيَّةِ يَنْفِي مَحَبَّةَ اللَّهِ وأنَّ مَحَبَّتَهُ مَخْصُوصَةٌ بِالمُؤْمِنِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب