الباحث القرآني

﴿إنْ يَمْسَسْكم قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ﴾ قَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وابْنُ عَيّاشٍ عَنْ عاصِمٍ بِضَمِّ القافِ، والباقُونَ بِالفَتْحِ وهُما لُغَتانِ كالضَّعْفِ والضَّعْفِ. وقِيلَ هو بِالفَتْحِ الجِراحُ وبِالضَّمِّ ألَمُها، والمَعْنى إنْ أصابُوا مِنكم يَوْمَ أُحُدٍ فَقَدْ أصَبْتُمْ مِنهم يَوْمَ بَدْرٍ مِثْلَهُ، ثُمَّ إنَّهم لَمْ يَضْعُفُوا ولَمْ يَجْبُنُوا فَأنْتُمْ أوْلى بِأنْ لا تَضْعُفُوا، فَإنَّكم تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ. وقِيلَ كَلا المِسِينَّ كانَ يَوْمَ أُحُدٍ فَإنَّ المُسْلِمِينَ نالُوا مِنهم قَبْلَ أنْ يُخالِفُوا أمْرَ الرَّسُولِ ﷺ. ﴿وَتِلْكَ الأيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ﴾ نَصْرِفُها بَيْنَهم نُدِيلُ لِهَؤُلاءِ تارَةً ولِهَؤُلاءِ أُخْرى كَقَوْلِهِ: ؎ فَيَوْمًا عَلَيْنا ويَوْمًا لَنا ∗∗∗ ويَوْمٌ نُساءُ ويَوْمٌ نُسَرُّ والمُداوَلَةُ كالمُعاوَدَةِ يُقالُ داوَلْتُ الشَّيْءَ بَيْنَهم فَتَداوَلُوهُ، والأيّامَ تَحْتَمِلُ الوَصْفَ والخَبَرَ ونُداوِلُها يَحْتَمِلُ الخَبَرَ والحالَ والمُرادُ بِها: أوْقاتُ النَّصْرِ والغَلَبَةِ. ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ عُطِفَ عَلى عِلَّةٍ مَحْذُوفَةٍ أيْ نُداوِلُها لِيَكُونَ كَيْتَ وكَيْتَ ولِيَعْلَمَ اللَّهُ إيذانًا بِأنَّ العِلَّةَ فِيهِ غَيْرُ واحِدَةٍ، وإنَّ ما يُصِيبُ المُؤْمِنَ فِيهِ مِنَ المَصالِحِ ما لا يُعْلَمُ، أوِ الفِعْلُ المُعَلَّلُ بِهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ ولِيَتَمَيَّزَ الثّابِتُونَ عَلى الإيمانِ مِنَ الَّذِينَ عَلى حَرْفٍ فَعَلْنا ذَلِكَ، والقَصْدُ في أمْثالِهِ ونَقائِضِهِ لَيْسَ إلى إثْباتِ عِلْمِهِ تَعالى ونَفْيِهِ بَلْ إلى إثْباتِ المَعْلُومِ ونَفْيِهِ عَلى طَرِيقِ البُرْهانِ. وقِيلَ مَعْناهُ لِيُعْلِمَهم عِلْمًا يَتَعَلَّقُ بِهِ الجَزاءُ وهو العِلْمُ بِالشَّيْءِ مَوْجُودًا. ﴿وَيَتَّخِذَ مِنكم شُهَداءَ﴾ ويُكْرِمَ ناسًا مِنكم بِالشَّهادَةِ يُرِيدُ شُهَداءَ أُحُدٍ، أوْ يَتَّخِذَ مِنكم شُهُودًا مُعَدَّلِينَ بِما صُودِفَ مِنهم مِنَ الثَّباتِ والصَّبْرِ عَلى الشَّدائِدِ. ﴿واللَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ﴾ الَّذِينَ يُضْمِرُونَ خِلافَ ما يُظْهِرُونَ، أوِ الكافِرِينَ وهو اعْتِراضٌ، وفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلى أنَّهُ تَعالى لا يَنْصُرُ الكافِرِينَ عَلى الحَقِيقَةِ وإنَّما يَغْلِبُهم أحْيانًا اسْتِدْراجًا لَهم وابْتِلاءً لِلْمُؤْمِنِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب