الباحث القرآني

﴿وَلْتَكُنْ مِنكم أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الخَيْرِ ويَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ﴾ مِن لِلتَّبْعِيضِ، لِأنَّ الأمْرَ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ مِن فُرُوضِ الكِفايَةِ، ولِأنَّهُ لا يَصْلُحُ لَهُ كُلُّ أحَدٍ إذْ لِلْمُتَصَدِّي لَهُ شُرُوطٌ لا يُشْتَرَطُ (p-32) فِيها جَمِيعُ الأُمَّةِ كالعِلْمِ بِالأحْكامِ ومَراتِبِ الِاحْتِسابِ وكَيْفِيَّةِ إقامَتِها والتَّمَكُّنِ مِنَ القِيامِ بِها. خاطَبَ الجَمِيعَ وطَلَبَ فِعْلَ بَعْضِهِمْ لِيَدُلَّ عَلى أنَّهُ واجِبٌ عَلى الكُلِّ حَتّى لَوْ تَرَكُوهُ رَأْسًا أثِمُوا جَمِيعًا ولَكِنْ يَسْقُطُ بِفِعْلِ بَعْضِهِمْ، وهَكَذا كُلُّ ما هو فَرْضُ كِفايَةٍ. أوْ لِلتَّبْيِينِ بِمَعْنى وكُونُوا أُمَّةً يَدْعُونَ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ﴾ والدُّعاءُ إلى الخَيْرِ يَعُمُّ الدُّعاءَ إلى ما فِيهِ صَلاحٌ دِينِيٌّ أوْ دُنْيَوِيٌّ، وعَطْفُ الأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ عَطْفُ الخاصِّ عَلى العامِّ لِلْإيذانِ بِفَضْلِهِ. ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ المَخْصُوصُونَ بِكَمالِ الفَلاحِ. وَرُوِيَ «أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ سُئِلَ مَن خَيْرُ النّاسِ فَقالَ: «آمَرُهم بِالمَعْرُوفِ وأنْهاهم عَنِ المُنْكَرِ وأتْقاهم لِلَّهِ وأوْصَلُهم لِلرَّحِمِ».» والأمْرُ بِالمَعْرُوفِ يَكُونُ واجِبًا ومَندُوبًا عَلى حَسَبِ ما يُؤْمَرُ بِهِ. والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ واجِبٌ كُلُّهُ لِأنَّ جَمِيعَ ما أنْكَرَهُ الشَّرْعُ حَرامٌ. والأظْهَرُ أنَّ العاصِيَ يَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يَنْهى عَمّا يَرْتَكِبُهُ لِأنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُهُ وإنْكارُهُ فَلا يَسْقُطُ بِتَرْكِ أحَدِهِما وُجُوبُ الآخَرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب