الباحث القرآني

﴿وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أيُّها المَلأُ ما عَلِمْتُ لَكم مِن إلَهٍ غَيْرِي﴾ نَفى عِلْمَهُ بِإلَهٍ غَيْرِهِ دُونَ وُجُودِهِ إذْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ما يَقْتَضِي الجَزْمَ بِعَدَمِهِ، ولِذَلِكَ أمَرَ بِبِناءِ الصَّرْحِ لِيَصْعَدَ إلَيْهِ ويَتَطَلَّعَ عَلى الحالِ بِقَوْلِهِ: ﴿فَأوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلى الطِّينِ فاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أطَّلِعُ إلى إلَهِ مُوسى﴾ كَأنَّهُ تَوَهَّمَ أنَّهُ لَوْ كانَ لَكانَ جِسْمًا في السَّماءِ يُمْكِنُ التَّرَقِّي إلَيْهِ ثُمَّ قالَ: ﴿وَإنِّي لأظُنُّهُ مِنَ الكاذِبِينَ﴾ أوْ أرادَ أنْ يَبْنِيَ لَهُ رَصَدًا يَتَرَصَّدُ مِنهُ أوْضاعَ الكَواكِبِ فَيَرى هَلْ فِيها ما يَدُلُّ عَلى بَعْثَةِ رَسُولٍ وتَبَدُّلِ دَوْلَةٍ، وقِيلَ المُرادُ بِنَفْيِ العِلْمِ نَفْيُ المَعْلُومِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا يَعْلَمُ في السَّماواتِ ولا في الأرْضِ﴾ فَإنَّ مَعْناهُ بِما لَيْسَ فِيهِنَّ، وهَذا مِن خَواصِّ العُلُومِ الفِعْلِيَّةِ فَإنَّها لازِمَةٌ لِتَحَقُّقِ مَعْلُوماتِها فَيَلْزَمُ مِنَ انْتِفائِها انْتِفاؤُها، ولا كَذَلِكَ العُلُومُ الِانْفِعالِيَّةُ، قِيلَ أوَّلُ مَنِ اتَّخَذَ الآجُرَ فِرْعَوْنُ ولِذَلِكَ أمَرَ بِاتِّخاذِهِ عَلى وجْهٍ يَتَضَمَّنُ تَعْلِيمَ الصَّنْعَةِ مَعَ ما فِيهِ مِن تَعَظُّمٍ ولِذَلِكَ نادى هامانَ بِاسْمِهِ بِيا في وسَطِ الكَلامِ. ﴿واسْتَكْبَرَ هو وجُنُودُهُ في الأرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ﴾ بِغَيْرِ اسْتِحْقاقٍ. ﴿وَظَنُّوا أنَّهم إلَيْنا لا يُرْجَعُونَ﴾ بِالنُّشُورِ. وَقَرَأ نافِعٌ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ بِفَتْحِ الياءِ وكَسْرِ الجِيمِ. ﴿فَأخَذْناهُ وجُنُودَهُ فَنَبَذْناهم في اليَمِّ﴾ كَما مَرَّ بَيانُهُ، وفِيهِ فَخامَةٌ وتَعْظِيمٌ لِشَأْنِ الآخِذِ واسْتِحْقارٌ لِلْمَأْخُوذَيْنِ كَأنَّهُ أخَذَهم مَعَ كَثْرَتِهِمْ في كَفٍّ وطَرَحَهم في اليَمِّ، ونَظِيرُهُ: ﴿وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ والأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيامَةِ والسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ . ﴿فانْظُرْ﴾ يا مُحَمَّدُ. ﴿كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظّالِمِينَ﴾ وحَذِّرْ قَوْمَكَ عَنْ مِثْلِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب