الباحث القرآني

﴿بَلِ ادّارَكَ عِلْمُهم في الآخِرَةِ﴾ لَمّا نَفى عَنْهم عِلْمَ الغَيْبِ وأكَّدَ ذَلِكَ بِنَفْيِ شُعُورِهِمْ بِما هو مَآلُهم لا مَحالَةَ بالَغَ فِيهِ، بِأنْ أضْرَبَ عَنْهُ وبَيَّنَ أنَّ ما انْتَهى وتَكامَلَ فِيهِ أسْبابُ عِلْمِهِمْ مِنَ الحُجَجِ والآياتِ وهو أنَّ القِيامَةَ كائِنَةٌ لا مَحالَةَ لا يَعْلَمُونَهُ كَما يَنْبَغِي. ﴿بَلْ هم في شَكٍّ مِنها﴾ كَمَن تَحَيَّرَ في الأمْرِ لا يَجِدُ عَلَيْهِ دَلِيلًا. ﴿بَلْ هم مِنها عَمُونَ﴾ لا يُدْرِكُونَ دَلائِلَها لِاخْتِلالِ بَصِيرَتِهِمْ، وهَذا وإنِ اخْتُصَّ بِالمُشْرِكِينَ مِمَّنْ في السَّمَواتِ (p-166) والأرْضِ نُسِبَ إلى جَمِيعِهِمْ كَما يُسْنَدُ فِعْلُ البَعْضِ إلى الكُلِّ، والإضْراباتُ الثَّلاثُ تَنْزِيلٌ لِأحْوالِهِمْ، وقِيلَ الأوَّلُ إضْرابٌ عَنْ نَفْيِ الشُّعُورِ بِوَقْتِ القِيامَةِ عَنْهم إلى وصْفِهِمْ بِاسْتِحْكامِ عِلْمِهِمْ في أمْرِ الآخِرَةِ تَهَكُّمًا بِهِمْ، وقِيلَ أدْرَكَ بِمَعْنى انْتَهى واضْمَحَلَّ مِن قَوْلِهِمْ أدْرَكْتُ الثَّمَرَةَ لِأنَّ تِلْكَ غايَتُها الَّتِي عِنْدَها تُعْدَمُ. وقَرَأ نافِعٌ وابْنُ عامِرٍ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ وحَفْصٌ ﴿بَلِ ادّارَكَ﴾ بِمَعْنى تَتابَعَ حَتّى اسْتَحْكَمَ، أوْ تَتابَعَ حَتّى انْقَطَعَ مِن تَدارَكَ بَنُو فُلانٍ إذا تَتابَعُوا في الهَلاكِ، وأبُو بَكْرٍ «أدْرَكَ» وأصْلُهُما تَفاعَلَ وافْتَعَلَ. وقُرِئَ «أأدْرَكَ» و «أمْ أدْرَكَ» بِهَمْزَتَيْنِ «وَءاأدْرَكَ» بِألِفٍ بَيْنَهُما و «بَلْ أدْرَكَ» و «بَلْ تَدارَكَ» و «بَلى أأدْرَكَ» و «بَلى أأدْرَكَ» و «أمْ أدْرَكَ» و «أمْ تَدارَكَ»، وما فِيهِ اسْتِفْهامٌ صَرِيحٌ أوْ مُضَمَّنٌ مِن ذَلِكَ فَإنْكارٌ وما فِيهِ بَلى فَإثْباتٌ لِشُعُورِهِمْ وتَفْسِيرٌ لَهُ بِالإدْراكِ عَلى التَّهَكُّمِ، وما بَعْدَهُ إضْرابٌ عَنِ التَّفْسِيرِ مُبالَغَةً في نَفْيِهِ ودَلالَةً عَلى أنَّ شُعُورَهم بِها أنَّهم شاكُّونَ فِيها ﴿بَلِ﴾ إنَّهم ﴿مِنها عَمُونَ﴾ أوْ رَدٌّ وإنْكارٌ لِشُعُورِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب