الباحث القرآني

﴿أرَأيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَواهُ﴾ بِأنْ أطاعَهُ وبَنى عَلَيْهِ دِينَهُ لا يَسْمَعُ حُجَّةً ولا يُبْصِرُ دَلِيلًا، وإنَّما قَدَّمَ المَفْعُولَ الثّانِيَ لِلْعِنايَةِ بِهِ. ﴿أفَأنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وكِيلا﴾ حَفِيظًا تَمْنَعُهُ عَنِ الشِّرْكِ والمَعاصِي وحالُهُ هَذا فالِاسْتِفْهامُ الأوَّلُ لِلتَّقْرِيرِ والتَّعْجِيبِ والثّانِي لِلْإنْكارِ. ﴿أمْ تَحْسَبُ﴾ بَلْ أتَحْسَبُ. ﴿أنَّ أكْثَرَهم يَسْمَعُونَ أوْ يَعْقِلُونَ﴾ فَتُجْدِي لَهُمُ الآياتِ أوِ الحُجَجَ فَتَهْتَمُّ بِشَأْنِهِمْ وتَطْمَعُ في إيمانِهِمْ، وهو أشَدُّ مَذَمَّةً مِمّا قَبْلَهُ حَتّى حُقَّ بِالإضْرابِ عَنْهُ إلَيْهِ، وتَخْصِيصُ الأكْثَرِ لِأنَّهُ كانَ (p-126) مِنهم مَن آمَنَ ومِنهم مَن عَقَلَ الحَقَّ وكابَرَ اسْتِكْبارًا وخَوْفًا عَلى الرِّئاسَةِ. ﴿إنْ هم إلا كالأنْعامِ﴾ في عَدَمِ انْتِفاعِهِمْ بِقَرْعِ الآياتِ آذانَهم وعَدَمِ تَدَبُّرِهِمْ فِيما شاهَدُوا مِنَ الدَّلائِلِ والمُعْجِزاتِ. ﴿بَلْ هم أضَلُّ سَبِيلا﴾ مِنَ الأنْعامِ لِأنَّها تَنْقادُ لِمَن يَتَعَهَّدُها وتُمَيِّزُ مَن يُحْسِنُ إلَيْها مِمَّنْ يُسِيءُ إلَيْها، وتَطْلُبُ ما يَنْفَعُها وتَتَجَنَّبُ ما يَضُرُّها وهَؤُلاءِ لا يَنْقادُونَ لِرَبِّهِمْ ولا يَعْرِفُونَ إحْسانَهُ مِن إساءَةِ الشَّيْطانِ، ولا يَطْلُبُونَ الثَّوابَ الَّذِي هو أعْظَمُ المَنافِعِ ولا يَتَّقُونَ العِقابَ الَّذِي هو أشَدُّ المَضارِّ، ولِأنَّها إنْ لَمْ تَعْتَقِدْ حَقًّا ولَمْ تَكْتَسِبْ خَيْرًا لَمْ تَعْتَقِدْ باطِلًا ولَمْ تَكْتَسِبْ شَرًّا، بِخِلافِ هَؤُلاءِ ولِأنَّ جَهالَتَها لا تَضُرُّ بِأحَدٍ وجَهالَةَ هَؤُلاءِ تُؤَدِّي إلى هَيْجِ الفِتَنِ وصَدِّ النّاسِ عَنِ الحَقِّ، ولِأنَّها غَيْرُ مُتَمَكِّنَةٍ مِن طَلَبِ الكَمالِ فَلا تَقْصِيرَ مِنها ولا ذَمَّ وهَؤُلاءِ مُقَصِّرُونَ ومُسْتَحِقُّونَ أعْظَمَ العِقابِ عَلى تَقْصِيرِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب