الباحث القرآني

﴿يَوْمَ يَرَوْنَ المَلائِكَةَ﴾ مَلائِكَةَ المَوْتِ أوِ العَذابِ، ويَوْمَ نُصِبَ بِاذْكُرْ أوْ بِما دَلَّ عَلَيْهِ. ﴿لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ﴾ فَإنَّهُ بِمَعْنى يُمْنَعُونَ البُشْرى أوْ يُعْدَمُونَها، و ( يَوْمَئِذٍ ) تَكْرِيرٌ أوْ خَبَرٌ و ( لِلْمُجْرِمِينَ ) تَبْيِينٌ أوْ خَبَرٌ ثانٍ أوْ ظَرْفٌ لِما يَتَعَلَّقُ بِهِ اللّامُ، أوْ لِـ ( بُشْرى ) إنْ قُدِّرَتْ مُنَوَّنَةً غَيْرَ مَبْنِيَّةٍ مَعَ ( لا ) فَإنَّها لا تَعْمَلُ، و ( لِلْمُجْرِمِينَ ) إمّا عامٌّ يَتَناوَلُ حُكْمُهُ حُكْمَهم مِن طَرِيقِ البُرْهانِ ولا يَلْزَمُ مِن نَفْيِ البُشْرى لِعامَّةِ المُجْرِمِينَ حِينَئِذٍ نَفْيُ البُشْرى بِالعَفْوِ والشَّفاعَةِ في وقْتٍ آخَرَ، وإمّا خاصٌّ وُضِعَ مَوْضِعَ ضَمِيرِهِمْ تَسْجِيلًا عَلى جُرْمِهِمْ (p-122) وَإشْعارًا بِما هو المانِعُ لِلْبُشْرى والمُوجَبُ لِما يُقابِلُها. ﴿وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ عُطِفَ عَلى المَدْلُولِ أيْ ويَقُولُ الكَفَرَةُ حِينَئِذٍ، هَذِهِ الكَلِمَةَ اسْتِعاذَةً وطَلَبًا مِنَ اللَّهِ تَعالى أنْ يَمْنَعَ لِقاءَهم وهي مِمّا كانُوا يَقُولُونَ عِنْدَ لِقاءِ عَدُوٍّ أوْ هُجُومٍ مَكْرُوهٍ، أوْ تَقُولُها المَلائِكَةُ بِمَعْنى حَرامًا مُحَرَّمًا عَلَيْكُمُ الجَنَّةُ أوِ البُشْرى. وقُرِئَ «حُجْرًا» بِالضَّمِّ وأصْلُهُ الفَتْحُ غَيْرَ أنَّهُ لَمّا اخْتُصَّ بِمَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ غُيِّرَ كَقَعْدِكَ وعُمُرِكَ ولِذَلِكَ لا يُتَصَرَّفُ فِيهِ ولا يَظْهَرُ ناصِبُهُ، ووَصَفَهُ بِـ ( مَحْجُورًا ) لِلتَّأْكِيدِ كَقَوْلِهِمْ: مَوْتٌ مائِتٌ. ﴿وَقَدِمْنا إلى ما عَمِلُوا مِن عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنثُورًا﴾ أيْ وعَمَدْنا إلى ما عَمِلُوا في كُفْرِهِمْ مِنَ المَكارِمِ كَقِرى الضَّيْفِ وصِلَةِ الرَّحِمِ وإغاثَةِ المَلْهُوفِ فَأحْبَطْناهُ لِفَقْدِ ما هو شَرْطُ اعْتِبارِهِ، وهو تَشْبِيهُ حالِهِمْ وأعْمالِهِمْ بِحالِ قَوْمٍ اسْتِعْصَوْا عَلى سُلْطانِهِمْ فَقَدِمَ إلى أشْيائِهِمْ فَمَزَّقَها وأبْطَلَها ولَمْ يُبْقِ لَها أثَرًا، والـ ( هَباءً ) غُبارٌ يُرى في شُعاعٍ يَطَّلِعُ مِنَ الكُوَّةِ مِنَ الهَبْوَةِ وهي الغُبارُ، و ( مَنثُورًا ) صِفَتُهُ شَبَّهَ عَمَلَهُمُ المُحْبَطَ بِالهَباءِ في حَقارَتِهِ وعَدَمِ نَفْعِهِ ثُمَّ بِالمَنثُورِ مِنهُ في انْتِثارِهِ بِحَيْثُ لا يُمْكِنُ نَظْمُهُ أوْ تَفَرُّقُهُ نَحْوَ أغْراضِهِمُ الَّتِي كانُوا يَتَوَجَّهُونَ بِهِ نَحْوَها، أوْ مَفْعُولٌ ثالِثٌ مِن حَيْثُ إنَّهُ كالخَبَرِ بَعْدَ الخَبَرِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب