الباحث القرآني

(p-117)( 25 سُورَةُ الفُرْقانِ مَكِّيَّةٌ وآيُها سَبْعٌ وسَبْعُونَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ﴾ تَكاثَرَ خَيْرُهُ مِنَ البَرَكَةِ وهي كَثْرَةُ الخَيْرِ، أوْ تَزايَدَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وتَعالى عَنْهُ في صِفاتِهِ وأفْعالِهِ، فَإنَّ البَرَكَةَ تَتَضَمَّنُ مَعْنى الزِّيادَةِ، وتَرْتِيبُهُ عَنْ إنْزالِهِ ( الفُرْقانَ ) لِما فِيهِ مِن كَثْرَةِ الخَيْرِ أوْ لِدَلالَتِهِ عَلى تَعالِيهِ. وقِيلَ دامَ مِن بُرُوكِ الطَّيْرِ عَلى الماءِ ومِنهُ البِرْكَةُ لِدَوامِ الماءِ فِيها، وهو لا يُتَصَرَّفُ فِيهِ ولا يُسْتَعْمَلُ إلّا لِلَّهِ تَعالى و ( الفُرْقانَ ) مَصْدَرُ فَرَقَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إذا فَصَلَ بَيْنَهُما سُمِّيَ بِهِ القُرْآنُ لِفَصْلِهِ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ بِتَقْرِيرِهِ أوِ المُحِقِّ والمُبْطِلِ بِإعْجازِهِ أوْ لِكَوْنِهِ مَفْصُولًا بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ في الإنْزالِ، وقُرِئَ «عَلى عِبادِهِ» وهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأُمَّتُهُ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ أنْزَلْنا إلَيْكم آياتٍ﴾ أوِ الأنْبِياءُ عَلى أنَّ الفُرْقانَ اسْمُ جِنْسٍ لِلْكُتُبِ السَّماوِيَّةِ. ﴿لِيَكُونَ﴾ العَبْدُ أوِ الفُرْقانُ. ﴿لِلْعالَمِينَ﴾ لِلْجِنِّ والإنْسِ. ﴿نَذِيرًا﴾ مُنْذِرًا أوْ إنْذارًا كالنَّكِيرِ بِمَعْنى الإنْكارِ، هَذِهِ الجُمْلَةُ وإنْ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً لَكِنَّها لِقُوَّةِ دَلِيلِها أُجْرِيَتْ مَجْرى المَعْلُومِ وجُعِلَتْ صِلَةً. ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ بَدَلٌ مِنَ الأوَّلِ أوْ مَدْحٌ مَرْفُوعٌ أوْ مَنصُوبٌ. ﴿وَلَمْ يَتَّخِذْ ولَدًا﴾ كَزَعْمِ النَّصارى. ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ في المُلْكِ﴾ كَقَوْلِ الثَّنَوِيَّةِ أثْبَتَ لَهُ المُلْكَ مُطْلَقًا ونَفى ما يَقُومُ مَقامَهُ وما يُقاوِمُهُ فِيهِ ثُمَّ نَبَّهَ عَلى ما يَدُلُّ عَلَيْهِ فَقالَ: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ أحْدَثَهُ إحْداثًا مُراعًى فِيهِ التَّقْدِيرُ حَسَبَ إرادَتِهِ كَخَلْقِهِ الإنْسانَ مِن مَوادَّ مَخْصُوصَةٍ وصُوَرٍ وأشْكالٍ مُعَيَّنَةٍ. ﴿فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ فَقَدَّرَهُ وهَيَّأهُ لِما أرادَ مِنهُ مِنَ الخَصائِصِ والأفْعالِ، كَتَهْيِئَةِ الإنْسانِ لِلْإدْراكِ والفَهْمِ والنَّظَرِ والتَّدْبِيرِ واسْتِنْباطِ الصَّنائِعِ المُتَنَوِّعَةِ ومُزاوَلَةِ الأعْمالِ المُخْتَلِفَةِ إلى غَيْرِ ذَلِكَ، أوْ فَقَدَّرَهُ لِلْبَقاءِ إلى أجَلٍ مُسَمًّى. وقَدْ يُطْلَقُ الخَلْقُ لِمُجَرَّدِ الإيجادِ مِن غَيْرِ نَظَرٍ إلى وجْهِ الِاشْتِقاقِ فَيَكُونُ المَعْنى وأوْجَدَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ في إيجادِهِ حَتّى لا يَكُونَ مُتَفاوِتًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب