الباحث القرآني

﴿قالَ إنَّهُ يَقُولُ إنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأرْضَ ولا تَسْقِي الحَرْثَ﴾ أيْ لَمْ تُذَلَّلْ لِكِرابِ الأرْضِ وسَقْيِ الحَرْثِ، و ﴿لا ذَلُولٌ﴾ صِفَةٌ لِبَقَرَةٍ بِمَعْنى غَيْرِ ذَلُولٍ، ولا الثّانِيَةُ مَزِيدَةٌ لِتَأْكِيدِ الأُولى والفِعْلانِ صَفَتا ذَلُولٍ كَأنَّهُ قِيلَ: لا ذَلُولٌ مُثِيرَةٌ وساقِيَةٌ، وقُرِئَ « لا ذَلُولَ» بِالفَتْحِ أيْ حَيْثُ هِيَ، كَقَوْلِكَ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ لا بَخِيلَ ولا جَبانَ، أيْ حَيْثُ هُوَ، وتَسْقِي مَن أسْقى. ﴿مُسَلَّمَةٌ﴾ سَلَّمَها اللَّهُ تَعالى مِنَ العُيُوبِ، أوْ أهْلُها مِنَ العَمَلِ، أوْ أخْلَصَ لَوْنَها مِن سَلَمَ لَهُ كَذا إذا خَلَصَ لَهُ ﴿لا شِيَةَ فِيها﴾ لا لَوْنَ فِيها يُخالِفُ لَوْنَ جِلْدِها، وهي في الأصْلِ مَصْدَرٌ، وشّاهَ وشْيًا وشِيَةً إذا خَلَطَ بِلَوْنِهِ لَوْنًا آخَرَ. قالُوا ﴿الآنَ جِئْتَ بِالحَقِّ﴾ أيْ بِحَقِيقَةِ وصْفِ البَقَرَةِ وحَقَّقْتَها لَنا، وقُرِئَ « الآنَ» بِالمَدِّ عَلى الِاسْتِفْهامِ، و « لانَ» بِحَذْفِ الهَمْزَةِ وإلْقاءِ حَرَكَتِها عَلى اللّامِ. ﴿فَذَبَحُوها﴾ فِيهِ اخْتِصارٌ، والتَّقْدِيرُ: فَحَصَّلُوا البَقَرَةَ المَنعُوتَةَ فَذَبَحُوها. ﴿وَما كادُوا يَفْعَلُونَ﴾ لِتَطْوِيلِهِمْ وكَثْرَةِ مُراجَعاتِهِمْ، أوْ لِخَوْفِ الفَضِيحَةِ في ظُهُورِ القاتِلِ، أوْ لِغَلاءِ ثَمَنِها. إذْ رُوِيَ: أنَّ شَيْخًا صالِحًا مِنهم كانَ لَهُ عِجْلَةٌ، فَأتى بِها الغَيْضَةَ وقالَ: اللَّهُمَّ إنِّي اسْتَوْدَعْتُكَها لِابْنِي حَتّى يَكْبُرَ، فَشَبَّتْ وكانَتْ وحِيدَةً بِتِلْكَ الصِّفاتِ، فَساوَمُوها مِنَ اليَتِيمِ وأمَّهُ حَتّى اشْتَرَوْها بِمَلْءٍ مَسْكِها ذَهَبًا، وكانَتِ البَقَرَةُ إذْ ذاكَ بِثَلاثَةِ دَنانِيرَ. وكادَ مِن أفْعالِ المُقارَبَةِ وُضِعَ لِدُنُوِّ الخَبَرِ حُصُولًا، فَإذا دَخَلَ عَلَيْهِ النَّفْيُ قِيلَ مَعْناهُ الإثْباتُ مُطْلَقًا. وقِيلَ ماضِيًا، والصَّحِيحُ أنَّهُ كَسائِرِ الأفْعالِ ولا يُنافِي قَوْلُهُ: ﴿وَما كادُوا يَفْعَلُونَ﴾ قَوْلَهُ ﴿فَذَبَحُوها﴾ لِاخْتِلافِ وقْتَيْهِما، إذِ المَعْنى أنَّهم ما قارَبُوا أنْ يَفْعَلُوا حَتّى انْتَهَتْ سُؤالِاتُهُمْ، وانْقَطَعَتْ تَعَلُّلاتُهُمْ، فَفَعَلُوا كالمُضْطَرِّ المُلْجَأِ إلى الفِعْلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب