الباحث القرآني
﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَها﴾ إلّا ما تَسَعُهُ قُدْرَتُها فَضْلًا ورَحْمَةً، أوْ ما دُونَ مَدى طاقَتِها بِحَيْثُ يَتَّسِعُ فِيهِ طَوْقُها ويَتَيَسَّرُ عَلَيْها كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ﴾ وهو يَدُلُّ عَلى عَدَمِ وُقُوعِ التَّكْلِيفِ بِالمُحالِ ولا يَدُلُّ عَلى امْتِناعِهِ. ﴿لَها ما كَسَبَتْ﴾ مِن خَيْرٍ. ﴿وَعَلَيْها ما اكْتَسَبَتْ﴾ مِن شَرٍّ لا يَنْتَفِعُ بِطاعَتِها ولا يَتَضَرَّرُ بِمَعاصِيها غَيْرُها، وتَخْصِيصُ الكَسْبِ بِالخَيْرِ والِاكْتِسابِ بِالشَّرِّ لِأنَّ الِاكْتِسابَ فِيهِ احْتِمالٌ والشَّرَّ تَشْتَهِيهِ النَّفْسُ وتَنْجَذِبُ إلَيْهِ فَكانَتْ أجَدَّ في تَحْصِيلِهِ وأعْمَلَ بِخِلافِ الخَيْرِ. ﴿رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نَسِينا أوْ أخْطَأْنا﴾ أيْ لا تُؤاخِذْنا بِما أدّى بِنا إلى نِسْيانٍ أوْ خَطَأٍ مِن تَفْرِيطٍ وقِلَّةِ مُبالاةٍ، أوْ بِأنْفُسِهِما إذْ لا تَمْتَنِعُ المُؤاخَذَةُ بِهِما عَقْلًا فَإنَّ الذُّنُوبَ كالسُّمُومِ فَكَما أنَّ تَناوُلَها يُؤَدِّي إلى الهَلاكِ. وإنْ كانَ خَطَأً. فَتَعاطِي الذُّنُوبِ لا يَبْعُدُ أنْ يُفْضِيَ إلى العِقابِ وإنْ لَمْ تَكُنْ عَزِيمَةً، لَكِنَّهُ تَعالى وعَدَ التَّجاوُزَ عَنْهُ رَحْمَةً وفَضْلًا فَيَجُوزُ أنْ يَدْعُوَ الإنْسانُ بِهِ اسْتِدامَةً واعْتِدادًا بِالنِّعْمَةِ فِيهِ. ويُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ والنِّسْيانُ» . ﴿رَبَّنا ولا تَحْمِلْ عَلَيْنا إصْرًا﴾ عِبْأً ثَقِيلًا يَأْصِرُ صاحِبَهُ، أيْ يَحْبِسُهُ في مَكانِهِ. يُرِيدُ بِهِ التَّكالِيفَ الشّاقَّةَ. وقُرِئَ « ولا تُحِمِّلْ» بِالتَّشْدِيدِ لِلْمُبالَغَةِ. ﴿كَما حَمَلْتَهُ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِنا﴾ حَمْلًا مِثْلَ حَمْلِكَ إيّاهُ عَلى مَن قَبْلَنا، أوْ مِثْلَ الَّذِي حَمَلَتْهُ إيّاهم فَيَكُونُ صِفَةً لِإصْرًا، والمُرادُ بِهِ ما كُلِّفَ بِهِ بَنُو إسْرائِيلَ مِن قَتْلِ الأنْفُسِ، وقَطْعِ مَوْضِعِ النَّجاسَةِ، وخَمْسِينَ صَلاةً في اليَوْمِ واللَّيْلَةِ، وصَرْفِ رُبْعِ المالِ لِلزَّكاةِ. أوْ ما أصابَهم مِنَ الشَّدائِدِ والمِحَنِ. ﴿رَبَّنا ولا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ﴾ مِنَ البَلاءِ والعُقُوبَةِ، أوْ مِنَ التَّكالِيفِ الَّتِي لا تَفِي بِها الطّاقَةُ البَشَرِيَّةُ وهو يَدُلُّ عَلى جَوازِ التَّكْلِيفِ بِما لا يُطاقُ وإلّا لَما سُئِلَ التَّخَلُّصَ مِنهُ، والتَّشْدِيدُ هاهُنا لِتَعْدِيَةِ (p-167)الفِعْلِ إلى المَفْعُولِ الثّانِي. ﴿واعْفُ عَنّا﴾ وامْحُ ذُنُوبَنا. ﴿واغْفِرْ لَنا﴾ واسْتُرْ عُيُوبَنا ولا تَفْضَحْنا بِالمُؤاخَذَةِ.
﴿وارْحَمْنا﴾ وتَعَطَّفْ بِنا وتَفَضَّلْ عَلَيْنا. ﴿أنْتَ مَوْلانا﴾ سَيِّدُنا. ﴿فانْصُرْنا عَلى القَوْمِ الكافِرِينَ﴾ فَإنَّ مِن حَقِّ المَوْلى أنْ يَنْصُرَ مَوالِيَهُ عَلى الأعْداءِ، أوِ المُرادُ بِهِ عامَّةُ الكَفَرَةِ.
«رُوِيَ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمّا دَعا بِهَذِهِ الدَّعَواتِ قِيلَ لَهُ عِنْدَ كُلِّ كَلِمَةٍ: فَعَلْتُ.»
وَعَنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ «أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى آيَتَيْنِ مِن كُنُوزِ الجَنَّةِ. كَتَبَها الرَّحْمَنُ بِيَدِهِ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ بِألْفَيْ سَنَةٍ، مَن قَرَأهُما بَعْدَ العِشاءِ الأخِيرَةِ أجْزَأتاهُ عَنْ قِيامِ اللَّيْلِ» .
وَعَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ «مَن قَرَأ الآيَتَيْنِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ» . وهو يَرُدُّ قَوْلَ مَنِ اسْتَكْرَهَ أنْ يُقالَ سُورَةُ البَقَرَةِ، وقالَ: يَنْبَغِي أنْ يُقالَ السُّورَةُ الَّتِي تُذْكَرُ فِيها البَقَرَةُ، كَما قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ «السُّورَةُ الَّتِي تُذْكَرُ فِيها البَقَرَةُ فُسْطاطُ القُرْآنِ فَتَعَلَّمُوها، فَإنَّ تَعَلُّمَها بَرَكَةٌ وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولَنْ يَسْتَطِيعَها البَطَلَةُ قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ وما البَطَلَةُ؟ قالَ: السَّحَرَةُ» .
تَمَّ بِحَمْدِ اللَّهِ وحُسْنِ تَوْفِيقِهِ طَبْعُ المُجَلَّدِ الأوَّلِ مِن تَفْسِيرِ البَيْضاوِيِّ في مَطابِعِ دارِ إحْياءِ التُّراثِ العَرَبِيِّ - بَيْرُوتَ الزّاهِرَةِ أدامَها اللَّهُ لِطَبْعِ المَزِيدِ مِنَ الكُتُبِ النّافِعَةِ.
وَآخِرُ دَعْوانا أنِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ
{"ayah":"لَا یُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَیۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَاۤ إِن نَّسِینَاۤ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَیۡنَاۤ إِصۡرࣰا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَاۤۚ أَنتَ مَوۡلَىٰنَا فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق