الباحث القرآني

﴿وَما أنْفَقْتُمْ مِن نَفَقَةٍ﴾ قَلِيلَةٍ أوْ كَثِيرَةٍ، سِرًّا أوْ عَلانِيَةً، في حَقٍّ أوْ باطِلٍ. ﴿أوْ نَذَرْتُمْ مِن نَذْرٍ﴾ بِشَرْطٍ أوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ، في طاعَةٍ أوْ مَعْصِيَةٍ. ﴿فَإنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ فَيُجازِيكم عَلَيْهِ. ﴿وَما لِلظّالِمِينَ﴾ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ في المَعاصِي ويُنْذِرُونَ فِيها، أوْ يَمْنَعُونَ الصَّدَقاتِ ولا يُوفُونَ بِالنَّذْرِ. ﴿مِن أنْصارٍ﴾ مَن يَنْصُرُهم مِنَ اللَّهِ ويَمْنَعُهم مِن عِقابِهِ. ﴿إنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ﴾ فَنِعْمَ شَيْئًا إبْداؤُها. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ بِفَتْحِ النُّونِ وكَسْرِ العَيْنِ عَلى الأصْلِ. وقَرَأ أبُو بَكْرٍ وأبُو عَمْرٍو وقالُونَ بِكَسْرِ النُّونِ وسُكُونِ العَيْنِ، ورُوِيَ عَنْهم بِكَسْرِ النُّونِ وإخْفاءِ حَرَكَةِ العَيْنِ وهو أقِيسُ. ﴿وَإنْ تُخْفُوها وتُؤْتُوها الفُقَراءَ﴾ أيْ تُعْطُوها مَعَ الإخْفاءِ. ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ فالإخْفاءُ خَيْرٌ لَكُمْ، وهَذا في التَّطَوُّعِ ولِمَن لَمْ يُعْرَفْ بِالمالِ فَإنَّ إبْداءَ الفَرْضِ لِغَيْرِهِ أفْضَلُ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ عَنْهُ. عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما « (صَدَقَةُ السِّرِّ في التَّطَوُّعِ تَفْضُلُ عَلانِيَتَها سَبْعِينَ ضِعْفًا، وصَدَقَةُ الفَرِيضَةِ عَلانِيَتُها أفْضَلُ مِن سِرِّها بِخَمْسَةٍ وعِشْرِينَ ضِعْفًا) .» ﴿وَيُكَفِّرُ عَنْكم مِن سَيِّئاتِكُمْ﴾ قَرَأ ابْنُ عامِرٍ وعاصِمٌ في رِوايَةِ حَفْصٍ بِالياءِ أيْ واللَّهُ يُكَفِّرُ أوِ الإخْفاءِ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو وعاصِمٌ في رِوايَةِ ابْنِ عَيّاشٍ ويَعْقُوبَ بِالنُّونِ مَرْفُوعًا عَلى أنَّهُ جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ مُبْتَدَأةٌ أوِ اسْمِيَّةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلى ما بَعْدَ الفاءِ أيْ: ونَحْنُ نَكَفِّرُ. وقَرَأ نافِعٌ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ بِهِ مَجْزُومًا عَلى مَحَلِّ الفاءِ وما بَعْدَهُ. وقُرِئَ بِالتّاءِ مَرْفُوعًا ومَجْزُومًا والفِعْلُ لِلصَّدَقاتِ. ﴿واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ تَرْغِيبٌ في الإسْرارِ. (p-161)﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ﴾ لا يَجِبُ عَلَيْكَ أنْ تَجْعَلَ النّاسَ مَهْدِيِّينَ، وإنَّما عَلَيْكَ الإرْشادُ والحَثُّ عَلى المَحاسِنِ، والنَّهْيُ عَنِ المَقابِحِ كالمَنِّ والأذى وإنْفاقِ الخَبِيثِ. ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشاءُ﴾ صَرِيحٌ بِأنَّ الهِدايَةَ مِنَ اللَّهِ تَعالى وبِمَشِيئَتِهِ، وإنَّها تُخَصُّ بِقَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ. ﴿وَما تُنْفِقُوا مِن خَيْرٍ﴾ مِن نَفَقَةٍ مَعْرُوفَةٍ. ﴿فَلأنْفُسِكُمْ﴾ فَهو لِأنْفُسِكم لا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُكم فَلا تُمَنُّوا عَلَيْهِ ولا تُنْفِقُوا الخَبِيثَ. ﴿وَما تُنْفِقُونَ إلا ابْتِغاءَ وجْهِ اللَّهِ﴾ حالٌ، وكَأنَّهُ قالَ وما تُنْفِقُونَ مِن خَيْرٍ فَلِأنْفُسِكم غَيْرَ مُنْفِقِينَ إلّا لِابْتِغاءِ وجْهِ اللَّهِ وطَلَبِ ثَوابِهِ. أوْ عَطْفٌ عَلى ما قَبْلَهُ أيْ ولَيْسَتْ نَفَقَتُكم إلّا لِابْتِغاءِ وجْهِهِ فَما بالُكم تَمُنُّونَ بِها وتُنْفِقُونَ الخَبِيثَ. وقِيلَ: نَفْيٌ في مَعْنى النَّهْيِ. ﴿وَما تُنْفِقُوا مِن خَيْرٍ يُوَفَّ إلَيْكُمْ﴾ ثَوابُهُ أضْعافًا مُضاعَفَةً، فَهو تَأْكِيدٌ لِلشَّرْطِيَّةِ السّابِقَةِ، أوْ ما يُخْلَفُ لِلْمُنْفِقِ اسْتِجابَةً لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ «اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِمُنْفِقٍ خَلَفًا، ولِمُمْسِكٍ تَلَفًا» رُوِيَ: أنَّ ناسًا مِنَ المُسْلِمِينَ كانَتْ لَهم أصْهارٌ ورِضاعٌ في اليَهُودِ، وكانُوا يُنْفِقُونَ عَلَيْهِمْ، فَكَرِهُوا لَمّا أسْلَمُوا أنْ يَنْفَعُوهم فَنَزَلَتْ. وهَذا في غَيْرِ الواجِبِ أمّا الواجِبُ فَلا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلى الكُفّارِ. ﴿وَأنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ﴾ أيْ لا تُنْقَصُونَ ثَوابَ نَفَقاتِكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب