الباحث القرآني

﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وتَثْبِيتًا مِن أنْفُسِهِمْ﴾ وتَثْبِيتًا بَعْضَ أنْفُسِهِمْ عَلى الإيمانِ، فَإنَّ (p-159)المالَ شَقِيقُ الرُّوحِ، فَمِن بَذَلَ مالَهُ لِوَجْهِ اللَّهِ ثَبَتَ بَعْضُ نَفْسِهِ ومَن بَذَلَ مالَهُ ورُوحَهُ ثَبَّتَها كُلَّها، أوْ تَصْدِيقًا لِلْإسْلامِ وتَحْقِيقًا لِلْجَزاءِ مُبْتَدَأٌ مِن أصْلِ أنْفُسِهِمْ، وفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ حِكْمَةَ الإنْفاقِ لِلْمُنْفِقِ تَزْكِيَةُ النَّفْسِ عَنِ البُخْلِ وحُبِّ المالِ. ﴿كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ﴾ أيْ ومَثَلَ نَفَقَةِ هَؤُلاءِ في الزَّكاةِ، كَمَثَلِ بُسْتانٍ بِمَوْضِعٍ مُرْتَفِعٍ، فَإنَّ شَجَرَهُ يَكُونُ أحْسَنَ مَنظَرًا وأزْكى ثَمَرًا. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وعاصِمٌ (بِرَبْوَةٍ) بِالفَتْحِ وقُرِئَ بِالكَسْرِ وثَلاثَتُها لُغاتٌ فِيها. ﴿أصابَها وابِلٌ﴾ مَطَرٌ عَظِيمُ القُطْرِ. ﴿فَآتَتْ أُكُلَها﴾ ثَمَرَتَها. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ ونافِعٌ وأبُو عَمْرٍو بِالسُّكُونِ لِلتَّخْفِيفِ. ضِعْفَيْنِ مِثْلَيْ ما كانَتْ تُثْمِرُ بِسَبَبِ الوابِلِ. والمُرادُ بِالضِّعْفِ المِثْلِ كَما أُرِيدَ بِالزَّوْجِ الواحِدُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ وقِيلَ: أرْبَعَةُ أمْثالِهِ ونَصَبَهُ عَلى الحالِ أيْ مُضاعَفًا. ﴿فَإنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ﴾ أيْ فَيُصِيبُها، أوْ فالَّذِي يُصِيبُها طَلٌّ، أوْ فَطَلٌّ يَكْفِيها لِكَرَمِ مَنبَتِها وبُرُودَةِ هَوائِها لِارْتِفاعِ مَكانِها. وهو المَطَرُ الصَّغِيرُ القَطْرِ، والمَعْنى أنَّ نَفَقاتِ هَؤُلاءِ زاكِيَةٌ عِنْدَ اللَّهِ لا تَضِيعُ بِحالٍ وإنْ كانَتْ تَتَفاوَتُ بِاعْتِبارِ ما يَنْضَمُّ إلَيْها مِن أحْوالِهِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ التَّمْثِيلُ لِحالِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى بِالجَنَّةِ عَلى الرَّبْوَةِ ونَفَقاتِهِمُ الكَثِيرَةِ والقَلِيلَةِ الزّائِدَتَيْنِ في زُلْفاهم بِالوابِلِ والطَّلِّ. ﴿واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ تَحْذِيرٌ عَنِ الرِّئاءِ وتَرْغِيبٌ في الإخْلاصِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب