الباحث القرآني

﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِي حاجَّ إبْراهِيمَ في رَبِّهِ﴾ تَعْجِيبٌ مِن مُحاجَّةِ نُمْرُوذَ وحَماقَتِهِ. ﴿أنْ آتاهُ اللَّهُ المُلْكَ﴾ لِأنَّ آتاهُ أيْ أبْطَرَهُ إيتاءَ المُلْكِ وحَمَلَهُ عَلى المُحاجَّةِ، أوْ حاجَّ لِأجْلِهِ شُكْرًا لَهُ عَلى طَرِيقَةِ العَكْسِ كَقَوْلِكَ عادَيْتَنِي لِأنِّي أحْسَنْتُ إلَيْكَ، أوْ وقْتَ أنْ آتاهُ اللَّهُ المُلْكَ وهو حُجَّةٌ عَلى مَن مَنَعَ إيتاءَ اللَّهِ المُلْكَ الكافِرَ مِنَ المُعْتَزِلَةِ. ﴿إذْ قالَ إبْراهِيمُ﴾ ظَرْفٌ لِ « حاجَّ»، أوْ بَدَلٌ مِن ﴿أنْ آتاهُ اللَّهُ المُلْكَ﴾ عَلى الوَجْهِ الثّانِي. ﴿رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي ويُمِيتُ﴾ بِخَلْقِ الحَياةِ والمَوْتِ في الأجْسادِ. وقَرَأ حَمْزَةُ « رَبِّ» بِحَذْفِ الياءِ. ﴿قالَ أنا أُحْيِي وأُمِيتُ﴾ بِالعَفْوِ عَنِ القَتْلِ والقَتْلِ. وقَرَأ نافِعٌ « أنا» بِلا ألِفٍ. ﴿قالَ إبْراهِيمُ فَإنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ المَغْرِبِ﴾ أعْرَضَ إبْراهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَنِ الِاعْتِراضِ عَلى مُعارَضَتِهِ الفاسِدَةِ إلى الِاحْتِجاجِ بِما لا يَقْدِرُ فِيهِ عَلى نَحْوِ هَذا التَّمْوِيهِ دَفْعًا لِلْمُشاغَبَةِ، وهو في الحَقِيقَةِ عُدُولٌ عَنْ مِثالٍ خَفِيٍّ إلى مِثالٍ جَلِيٍّ مِن مَقْدُوراتِهِ الَّتِي يَعْجِزُ عَنِ الإتْيانِ بِها غَيْرُهُ، لا عَنْ حُجَّةٍ إلى أُخْرى. ولَعَلَّ نُمْرُوذَ زَعَمَ أنَّهُ يَقْدِرُ أنْ يَفْعَلَ كُلَّ جِنْسٍ يَفْعَلُهُ اللَّهُ فَنَقَضَهُ إبْراهِيمُ بِذَلِكَ، وإنَّما حَمَلَهُ عَلَيْهِ بَطَرُ المَلِكِ وحَماقَتُهُ، أوِ اعْتِقادُ الحُلُولِ. وقِيلَ لَمّا كَسَرَ إبْراهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ الأصْنامَ سَجَنَهُ أيّامًا ثُمَّ أخْرَجَهُ لِيَحْرُقَهُ، فَقالَ لَهُ: مَن رَبُّكَ الَّذِي تَدْعُو إلَيْهِ وحاجَّهُ فِيهِ. ﴿فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾ فَصارَ مَبْهُوتًا. وقُرِئَ « فَبُهِتَ» أيْ فَغَلَبَ إبْراهِيمُ الكافِرَ. ﴿واللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِينَ﴾ (p-156)الَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهم بِالِامْتِناعِ عَنْ قَبُولِ الهِدايَةِ. وقِيلَ لا يَهْدِيهِمْ مَحَجَّةَ الِاحْتِجاجِ أوْ سَبِيلَ النَّجاةِ، أوْ طَرِيقَ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيامَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب