الباحث القرآني

﴿لا إكْراهَ في الدِّينِ﴾ إذِ الإكْراهُ في الحَقِيقَةِ إلْزامُ الغَيْرِ فِعْلًا لا يَرى فِيهِ خَيْرًا يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ، ولَكِنْ ﴿قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ﴾ تَمَيَّزَ الإيمانُ مِنَ الكُفْرِ بِالآياتِ الواضِحَةِ، ودَلَّتِ الدَّلائِلُ عَلى أنَّ الإيمانَ رُشْدٌ يُوصِلُ إلى السَّعادَةِ الأبَدِيَّةِ والكُفْرَ غَيٌّ يُؤَدِّي إلى الشَّقاوَةِ السَّرْمَدِيَّةِ، والعاقِلُ مَتى تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ بادَرَتْ نَفْسُهُ إلى الإيمانِ طَلَبًا لِلْفَوْزِ بِالسَّعادَةِ والنَّجاةِ، ولَمْ يَحْتَجْ إلى الإكْراهِ والإلْجاءِ. وقِيلَ إخْبارٌ في مَعْنى النَّهْيِ، أيْ لا تُكْرَهُوا في الدِّينِ، وهو إمّا عامٌّ مَنسُوخٌ بُقُولِهِ ﴿جاهِدِ الكُفّارَ والمُنافِقِينَ واغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾، أوْ خاصٌّ بِأهْلِ (p-155)الكِتابِ لِما رُوِيَ « (أنَّ أنْصارِيًّا كانَ لَهُ ابْنانِ تَنَصَّرا قَبْلَ المَبْعَثِ، ثُمَّ قَدِما المَدِينَةَ فَلَزِمَهُما أبُوهُما وقالَ: واللَّهِ لا أدَعُكُما حَتّى تُسْلِما فَأبَيا، فاخْتَصَمُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ الأنْصارِيُّ: يا رَسُولَ اللَّهِ أيَدْخُلُ بِعَقْبَيَّ النّارَ وأنا أنْظُرُ إلَيْهِ) فَنَزَلَتْ فَخَلّاهُما.» ﴿فَمَن يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ﴾ بِالشَّيْطانِ، أوِ الأصْنامِ، أوْ كُلِّ ما عُبِدَ مِن دُونِ اللَّهِ، أوْ صَدَّ عَنْ عِبادَةِ اللَّهِ تَعالى. فَعْلُوتٌ مِنَ الطُّغْيانِ قُلِبَتْ عَيْنُهُ ولامُهُ. ﴿وَيُؤْمِن بِاللَّهِ﴾ بِالتَّوْحِيدِ وتَصْدِيقِ الرُّسُلِ. ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقى﴾ طَلَبَ الإمْساكَ عَنْ نَفْسِهِ بِالعُرْوَةِ الوُثْقى مِنَ الحَبْلِ الوَثِيقِ، وهي مُسْتَعارَةٌ لِمُتَمَسِّكِ الحَقِّ مِنَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ والرَّأْيِ القَوِيمِ. ﴿لا انْفِصامَ لَها﴾ لا انْقِطاعَ لَها يُقالُ فَصَمْتُهُ فانْفَصَمَ إذا كَسَرْتَهُ. ﴿واللَّهُ سَمِيعٌ﴾ بِالأقْوالِ ﴿عَلِيمٌ﴾ بِالنِّيّاتِ، ولَعَلَّهُ تَهْدِيدٌ عَلى النِّفاقِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب