الباحث القرآني

﴿ألَمْ تَرَ﴾ تَعْجِيبٌ وتَقْرِيرٌ لِمَن سَمِعَ بِقِصَّتِهِمْ مِن أهْلِ الكِتابِ وأرْبابِ التَّوارِيخِ، وقَدْ يُخاطَبُ بِهِ مَن لَمْ يَرَ ومَن لَمْ يَسْمَعْ فَإنَّهُ صارَ مَثَلًا في التَّعْجِيبِ. ﴿إلى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ﴾ يُرِيدُ أهْلَ داوَرْدانَ قَرْيَةٍ قَبْلَ (p-149)واسِطَ وقَعَ فِيها طاعُونٌ فَخَرَجُوا هارِبِينَ، فَأماتَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ أحْياهم لِيَعْتَبِرُوا ويَتَيَقَّنُوا أنْ لا مَفَرَّ مِن قَضاءِ اللَّهِ تَعالى وقَدَرِهِ. أوْ قَوْمًا مِن بَنِي إسْرائِيلَ دَعاهم مَلِكُهم إلى الجِهادِ فَفَرُّوا حَذَرَ المَوْتِ فَأماتَهُمُ اللَّهُ ثَمانِيَةَ أيّامٍ ثُمَّ أحْياهم. ﴿وَهم أُلُوفٌ﴾ أيْ أُلُوفٌ كَثِيرَةٌ. قِيلَ عَشَرَةٌ. وقِيلَ ثَلاثُونَ. وقِيلَ سَبْعُونَ وقِيلَ مُتَألِّفُونَ جَمْعُ إلْفٍ أوْ آلِفٌ كَقاعِدٍ وقُعُودٍ والواوُ لِلْحالِ. ﴿حَذَرَ المَوْتِ﴾ مَفْعُولٌ لَهُ. ﴿فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا﴾ أيْ قالَ لَهم مُوتُوا فَماتُوا كَقَوْلِهِ: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ والمَعْنى أنَّهم ماتُوا مَيْتَةَ رَجُلٍ واحِدٍ مِن غَيْرِ عِلَّةٍ، بِأمْرِ اللَّهِ تَعالى ومَشِيئَتِهِ. وقِيلَ ناداهم بِهِ مَلَكٌ وإنَّما أُسْنِدَ إلى اللَّهِ تَعالى تَخْوِيفًا وتَهْوِيلًا. ﴿ثُمَّ أحْياهُمْ﴾ قِيلَ «مَرَّ حِزْقِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلى أهْلِ داوَرْدانَ وقَدْ عَرِيَتْ عِظامُهم وتَفَرَّقَتْ أوْصالُهُمْ، فَتَعَجَّبَ مِن ذَلِكَ فَأوْحى اللَّهُ تَعالى إلَيْهِ نادِ فِيهِمْ أنْ قُومُوا بِإذْنِ اللَّهِ تَعالى، فَنادى فَقامُوا يَقُولُونَ سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ لا إلَهَ إلّا أنْتَ.» وفائِدَةُ القِصَّةِ تَشْجِيعُ المُسْلِمِينَ عَلى الجِهادِ والتَّعَرُّضِ لِلشَّهادَةِ، وحَثُّهم عَلى التَّوَكُّلِ والِاسْتِسْلامِ لِلْقَضاءِ. ﴿إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلى النّاسِ﴾ حَيْثُ أحْياهم لِيَعْتَبِرُوا ويَفُوزُوا وقَصَّ عَلَيْهِمْ حالَهم لِيَسْتَبْصِرُوا ﴿وَلَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ﴾ أيْ لا يَشْكُرُونَهُ كَما يَنْبَغِي، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِالشُّكْرِ الِاعْتِبارُ والِاسْتِبْصارُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب