الباحث القرآني

﴿وَإنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ لِما ذَكَرَ حُكْمَ المُفَوَّضَةِ أتْبَعَهُ حُكْمَ قَسِيمِها. ﴿فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ﴾ أيْ فَلَهُنَّ، أوْ فالواجِبُ نِصْفُ ما فَرَضْتُمْ لَهُنَّ، وهو دَلِيلٌ عَلى أنَّ الجُناحَ المَنفِيَّ ثُمَّ تَبِعَهُ المَهْرُ وأنْ لا مُتْعَةَ مَعَ التَّشْطِيرِ لِأنَّهُ قَسِيمُها ﴿إلا أنْ يَعْفُونَ﴾ أيِ المُطَلَّقاتُ فَلا يَأْخُذْنَ شَيْئًا، والصِّيغَةُ تَحْتَمِلُ التَّذْكِيرَ والتَّأْنِيثَ، والفَرْقُ أنَّ الواوَ في الأوَّلِ ضَمِيرٌ والنُّونُ عَلامَةُ الرَّفْعِ وفي الثّانِي لامُ الفِعْلِ والنُّونُ ضَمِيرٌ والفِعْلُ مَبْنِيٌّ ولِذَلِكَ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ أنْ هاهُنا ونُصِبَ المَعْطُوفُ عَلَيْهِ. ﴿أوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ﴾ أيِ الزَّوْجُ المالِكُ لِعَقْدِهِ وحِلِّهِ عَمّا يَعُودُ إلَيْهِ بِالتَّشْطِيرِ فَيَسُوقُ المَهْرَ إلَيْها كامِلًا، وهو مُشْعِرٌ بِأنَّ الطَّلاقَ قَبْلَ المَسِيسِ مُخَيَّرٌ لِلزَّوْجِ غَيْرُ مُشَطَّرٍ بِنَفْسِهِ، وإلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ أصْحابِنا والحَنَفِيَّةِ. وقِيلَ الوَلِيُّ الَّذِي يَلِي عَقْدَ نِكاحِهِنَّ وذَلِكَ إذا كانَتِ المَرْأةُ صَغِيرَةً، وهو قَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعالى. ﴿وَأنْ تَعْفُوا أقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾ يُؤَيِّدُ الوَجْهَ الأوَّلَ وعَفْوُ الزَّوْجِ عَلى وجْهِ التَّخْيِيرِ ظاهِرٌ وعَلى الوَجْهِ الآخَرِ عِبارَةٌ عَنِ الزِّيادَةِ عَلى الحَقِّ، وتَسْمِيَتُها عَفْوًا إمّا عَلى المُشاكَلَةِ وإمّا لِأنَّهم يَسُوقُونَ المَهْرَ إلى النِّساءِ عِنْدَ التَّزَوُّجِ، فَمِن طَلَّقَ قَبْلَ المَسِيسِ اسْتَحَقَّ اسْتِرْدادَ النِّصْفِ فَإذا لَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَقَدْ عَفا عَنْهُ. وعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأةً وطَلَّقَها قَبْلَ الدُّخُولِ فَأكْمَلَ لَها الصَّداقَ وقالَ أنا أحَقُّ بِالعَفْوِ. ﴿وَلا تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ أيْ ولا تَنْسَوْا أنْ يَتَفَضَّلَ بَعْضُكم عَلى بَعْضٍ. ﴿إنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ لا يُضِيعُ تَفَضُّلَكم وإحْسانَكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب