الباحث القرآني

(p-146)﴿وَلا جُناحَ عَلَيْكم فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِن خِطْبَةِ النِّساءِ﴾ التَّعْرِيضُ والتَّلْوِيحُ إيهامُ المَقْصُودِ بِما لَمْ يُوضَعْ لَهُ حَقِيقَةً ولا مَجازًا، كَقَوْلِ السّائِلِ جِئْتُكَ لِأُسَلِّمَ عَلَيْكَ، والكِنايَةُ هي الدَّلالَةُ عَلى الشَّيْءِ بِذِكْرِ لَوازِمِهِ ورَوادِفِهِ، كَقَوْلِكَ الطَّوِيلُ النِّجادِ لِلطَّوِيلِ، وكَثِيرُ الرَّمادِ لِلْمِضْيافِ. والخُطْبَةُ بِالضَّمِّ والكَسْرِ اسْمُ الحالَةِ، غَيْرَ أنَّ المَضْمُومَةَ خُصَّتْ بِالمَوْعِظَةِ والمَكْسُورَةَ بِطَلَبِ المَرْأةِ، والمُرادُ بِالنِّساءِ المُعْتَدّاتِ لِلْوَفاةِ، وتَعْرِيضُ خِطْبَتِها أنْ يَقُولَ لَها إنَّكِ جَمِيلَةٌ أوْ نافِقَةٌ ومِن غَرَضِي أنْ أتَزَوَّجَ ونَحْوَ ذَلِكَ. ﴿أوْ أكْنَنْتُمْ في أنْفُسِكُمْ﴾ أوْ أضْمَرْتُمْ في قُلُوبِكم فَلَمْ تَذْكُرُوهُ تَصْرِيحًا ولا تَعْرِيضًا. ﴿عَلِمَ اللَّهُ أنَّكم سَتَذْكُرُونَهُنَّ﴾ ولا تَصْبِرُونَ عَلى السُّكُوتِ عَنْهُنَّ وعَنِ الرَّغْبَةِ فِيهِنَّ وفِيهِ نَوْعُ تَوْبِيخٍ. ﴿وَلَكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ اسْتِدْراكٌ عَلى مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ سَتَذْكُرُونَهُنَّ أيْ فاذْكُرُوهُنَّ ولَكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ نِكاحًا أوْ جِماعًا، عَبَّرَ بِالسِّرِّ عَنِ الوَطْءِ لِأنَّهُ مِمّا يُسَرُّ ثُمَّ عَنِ العَقْدِ لِأنَّهُ سَبَبٌ فِيهِ. وقِيلَ مَعْناهُ لا تُواعِدُوهُنَّ في السِّرِّ عَلى أنَّ المَعْنى بِالمُواعَدَةِ في السِّرِّ المُواعَدَةُ بِما يُسْتَهْجَنُ. ﴿إلا أنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا﴾ وهو أنْ تُعَرِّضُوا ولا تُصَرِّحُوا والمُسْتَثْنى مِنهُ مَحْذُوفٌ أيْ: لا تُواعِدُوهُنَّ مُواعِدَةً إلّا مُواعَدَةً مَعْرُوفَةً، أوْ إلّا مُواعَدَةً بِقَوْلٍ مَعْرُوفٍ. وقِيلَ إنَّهُ اسْتِثْناءٌ مُنْقَطِعٌ مِن ﴿سِرًّا﴾ وهو ضَعِيفٌ لِأدائِهِ إلى قَوْلِكَ ﴿لا تُواعِدُوهُنَّ﴾ إلّا التَّعْرِيضَ، وهو غَيْرُ مَوْعُودٍ. وفِيهِ دَلِيلُ حُرْمَةِ تَصْرِيحِ خِطْبَةِ المُعْتَدَّةِ وجَوازِ تَعْرِيضِها إنْ كانَتْ مُعْتَدَّةَ وفاةٍ. واخْتُلِفَ في مُعْتَدَّةِ الفِراقِ البائِنِ والأظْهَرُ جَوازُهُ. ﴿وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ﴾ ذَكَرَ العَزْمَ مُبالَغَةً في النَّهْيِ عَنِ العَقْدِ، أيْ ولا تَعْزِمُوا عَقْدَ عُقْدَةِ النِّكاحِ. وقِيلَ مَعْناهُ ولا تَقْطَعُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ فَإنَّ أصْلَ العَزْمِ القَطْعُ. ﴿حَتّى يَبْلُغَ الكِتابُ أجَلَهُ﴾ حَتّى يَنْتَهِيَ ما كُتِبَ مِنَ العِدَّةِ. ﴿واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما في أنْفُسِكُمْ﴾ مِنَ العَزْمِ عَلى ما لا يَجُوزُ. ﴿فاحْذَرُوهُ﴾ ولا تَعْزِمُوا. ﴿واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ غَفُورٌ﴾ لِمَن عَزَمَ ولَمْ يَفْعَلْ خَشْيَةً مِنَ اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى. ﴿حَلِيمٌ﴾ لا يُعاجِلُكم بِالعُقُوبَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب