الباحث القرآني
﴿والمُطَلَّقاتُ﴾ يُرِيدُ بِها المَدْخُولَ بِهِنَّ مِن ذَواتِ الإقْراءِ لِما دَلَّتْ عَلَيْهِ الآياتُ والأخْبارُ أنَّ حُكْمَ غَيْرِهِنَّ خِلافُ ما ذُكِرَ. ﴿يَتَرَبَّصْنَ﴾ خَبَرٌ بِمَعْنى الأمْرِ، وتَغْيِيرُ العِبارَةِ لِلتَّأْكِيدِ والإشْعارِ بِأنَّهُ مِمّا يَجِبُ أنْ يُسارَ إلى امْتِثالِهِ، وكَأنَّ المُخاطَبَ قَصَدَ أنْ يَمْتَثِلَ الأمْرَ فَيُخْبِرَ عَنْهُ كَقَوْلِكَ في الدُّعاءِ: رَحِمَكَ اللَّهُ، وبِناؤُهُ عَلى المُبْتَدَأِ يَزِيدُهُ فَضْلُ تَأْكِيدٍ. ﴿بِأنْفُسِهِنَّ﴾ تَهْيِيجٌ وبَعْثٌ لَهُنَّ عَلى التَّرَبُّصِ، فَإنَّ نُفُوسَ النِّساءِ طَوامِحُ إلى الرِّجالِ، فَأُمِرْنَ بِأنْ يَقْمَعْنَها ويَحْمِلْنَها عَلى التَّرَبُّصِ. ﴿ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾ نُصِبَ عَلى الظَّرْفِ، أوِ المَفْعُولِ بِهِ. أيْ يَتَرَبَّصْنَ مُضِيَّها.
وَقُرُوءٌ جَمْعُ قُرْءٍ وهو يُطْلَقُ لِلْحَيْضِ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ «دَعِي الصَّلاةَ أيّامَ أقْرائِكِ»
وَلِلطُّهْرِ الفاصِلِ بَيْنَ الحَيْضَتَيْنِ كَقَوْلِ الأعْشى:
؎ مُوَرِّثَةٌ مالًا وفي الحَيِّ رِفْعَةٌ... لِما ضاعَ فِيها مِن قُرُوءِ نِسائِكا
وَأصْلُهُ الِانْتِقالُ مِنَ الطُّهْرِ إلى الحَيْضِ، وهو المُرادُ بِهِ في الآيَةِ لِأنَّهُ الدّالُّ عَلى بَراءَةِ الرَّحِمِ لا الحَيْضِ، كَما قالَهُ الحَنَفِيَّةُ لِقَوْلِهِ تَعالى ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ أيْ وقْتَ عِدَّتِهِنَّ. والطَّلاقُ المَشْرُوعُ لا يَكُونُ في الحَيْضِ، وأمّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: «طَلاقُ الأمَةِ تَطْلِيقَتانِ وعِدَّتُها حَيْضَتانِ» . فَلا يُقاوِمُ ما رَواهُ الشَّيْخانِ في قِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ «مُرْهُ فَلْيُراجِعْها، ثُمَّ لِيُمْسِكْها حَتّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضُ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شاءَ أمْسَكَ بَعْدُ وإنْ شاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أمَرَ اللَّهُ تَعالى أنْ تُطْلَّقَ لَها النِّساءُ» . وكانَ القِياسُ أنْ يُذْكَرَ بِصِيغَةِ القِلَّةِ الَّتِي هي الأقْراءُ، ولَكِنَّهم يَتَّسِعُونَ في ذَلِكَ فَيَسْتَعْمِلُونَ كُلَّ واحِدٍ مِنَ البِناءَيْنِ مَكانَ الآخَرِ، ولَعَلَّ الحُكْمَ لَمّا عَمَّ المُطَلَّقاتِ ذَواتِ الأقْراءِ تَضَمَّنَ مَعْنى الكَثْرَةِ فَحَسُنَ بِناؤُها. ﴿وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ في أرْحامِهِنَّ﴾ مِنَ الوَلَدِ، أوِ الحَيْضِ اسْتِعْجالًا في العِدَّةِ وإبْطالًا لِحَقِّ الرَّجْعَةِ، وفِيهِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ قَوْلَها مَقْبُولٌ في ذَلِكَ ﴿إنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ﴾ لَيْسَ المُرادُ مِنهُ تَقْيِيدَ نَفْيِ الحِلِّ بِإيمانِهِنَّ، بَلِ التَّنْبِيهَ عَلى أنَّهُ يُنافِي الإيمانَ، وأنَّ المُؤْمِنَ لا يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ ولا يَنْبَغِي لَهُ أنْ يَفْعَلَ. ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ﴾ أيْ أزْواجُ المُطَلَّقاتِ. ﴿أحَقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾ إلى النِّكاحِ والرَّجْعَةِ إلَيْهِنَّ، ولَكِنْ إذا كانَ الطَّلاقُ رَجْعِيًّا لِلْآيَةِ الَّتِي تَتْلُوها فالضَّمِيرُ أخَصُّ مِنَ المَرْجُوعِ إلَيْهِ ولا امْتِناعَ فِيهِ، كَما لَوْ كَرَّرَ الظّاهِرَ وخَصَّصَهُ. والبُعُولَةُ جَمْعُ بَعْلٍ والتّاءُ لِتَأْنِيثِ الجَمْعِ كالعُمُومَةِ والخُؤُلَةِ، أوْ مَصْدَرٌ مِن قَوْلِكَ بَعْلٌ حَسَنُ البُعُولَةِ نُعِتَ بِهِ، أوْ أُقِيمَ مَقامَ المُضافِ المَحْذُوفِ أيْ وأهْلُ بُعُولَتِهِنَّ، وأفْعَلُ هاهُنا بِمَعْنى الفاعِلِ. في ذَلِكَ أيْ في زَمانِ التَّرَبُّصِ. ﴿إنْ أرادُوا إصْلاحًا﴾ بِالرَّجْعَةِ لا لِإضْرارِ المَرْأةِ، ولَيْسَ المُرادُ مِنهُ شَرْطِيَّةَ قَصْدِ الإصْلاحِ لِلرَّجْعَةِ بَلِ التَّحْرِيضَ عَلَيْهِ والمَنعَ مِن قَصْدِ الضِّرارِ.
﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾ أيْ ولَهُنَّ حُقُوقٌ عَلى الرِّجالِ مِثْلُ حُقُوقِهِمْ عَلَيْهِنَّ في الوُجُوبِ واسْتِحْقاقِ المُطالَبَةِ عَلَيْها، لا في الجِنْسِ. ﴿وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ زِيادَةٌ في الحَقِّ وفَضْلٌ فِيهِ، لِأنَّ حُقُوقَهم في أنْفُسِهِمْ وحُقُوقَهُنَّ المَهْرُ والكَفافُ وتَرْكُ الضِّرارِ ونَحْوُها، أوْ شَرَفٌ وفَضِيلَةٌ لِأنَّهم قِوامٌ عَلَيْهِنَّ وحُرّاسٌ لَهُنَّ يُشارِكُونَهُنَّ في غَرَضِ الزَّواجِ ويُخَصُّونَ بِفَضِيلَةِ الرِّعايَةِ والإنْفاقِ ﴿واللَّهُ عَزِيزٌ﴾ يَقْدِرُ عَلى الِانْتِقامِ مِمَّنْ خالَفَ الأحْكامَ. (p-142)﴿حَكِيمٌ﴾ يُشَرِّعُها لِحِكَمٍ ومَصالِحَ.
{"ayah":"وَٱلۡمُطَلَّقَـٰتُ یَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَـٰثَةَ قُرُوۤءࣲۚ وَلَا یَحِلُّ لَهُنَّ أَن یَكۡتُمۡنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِیۤ أَرۡحَامِهِنَّ إِن كُنَّ یُؤۡمِنَّ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ إِنۡ أَرَادُوۤا۟ إِصۡلَـٰحࣰاۚ وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِی عَلَیۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَیۡهِنَّ دَرَجَةࣱۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق