الباحث القرآني
(p-121)﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكم قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ﴾ البِرُّ كُلُّ فِعْلٍ مُرْضٍ، والخِطابُ لِأهْلِ الكِتابِ فَإنَّهم أكْثَرُوا الخَوْضَ في أمْرِ القِبْلَةِ حِينَ حُوِّلَتْ، وادَّعى كُلُّ طائِفَةٍ أنَّ البِرَّ هو التَّوَجُّهُ إلى قِبْلَتِهِ، فَرَدَّ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِمْ وقالَ لَيْسَ البِرَّ ما أنْتُمْ عَلَيْهِ فَإنَّهُ مَنسُوخٌ، ولَكِنَّ البِرَّ ما بَيَّنَهُ اللَّهُ واتَّبَعَهُ المُؤْمِنُونَ. وقِيلَ عامٌّ لَهم ولِلْمُسْلِمِينَ، أيْ لَيْسَ البِرُّ مَقْصُورًا بِأمْرِ القِبْلَةِ، أوْ لَيْسَ البِرَّ العَظِيمَ الَّذِي يَحْسُنُ أنْ تُذْهِلُوا بِشَأْنِهِ عَنْ غَيْرِهِ أمْرَها، وقَرَأ حَمْزَةُ وحَفْصٌ البِرَّ بِالنَّصْبِ ﴿وَلَكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ والمَلائِكَةِ والكِتابِ والنَّبِيِّينَ﴾ أيْ ولَكِنَّ البِرَّ الَّذِي يَنْبَغِي أنْ يُهْتَمَّ بِهِ بِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ، أوْ لَكِنَّ ذا البَرِّ مَن آمَنَ، ويُؤَيِّدُهُ قِراءَةُ مَن قَرَأ ولَكِنَّ « البارَّ» . والأوَّلُ أوْفَقُ وأحْسَنُ. والمُرادُ بِالكِتابِ الجِنْسُ، أوِ القُرْآنُ. وقَرَأ نافِعٌ وابْنُ عامِرٍ ولَكِنْ بِالتَّخْفِيفِ ورَفْعِ البِرِّ. ﴿وَآتى المالَ عَلى حُبِّهِ﴾ أيْ عَلى حُبِّ المالِ،
«قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمّا سُئِلَ أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ قالَ « أنْ تُؤْتِيَهُ وأنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَأْمُلُ العَيْشَ، وتَخْشى الفَقْرَ» . وقِيلَ الضَّمِيرُ لِلَّهِ، أوْ لِلْمَصْدَرِ. والجارُّ والمَجْرُورُ في مَوْضِعِ الحالِ. ﴿ذَوِي القُرْبى واليَتامى﴾ يُرِيدُ المَحاوِيجَ مِنهُمْ، ولَمْ يُقَيِّدْ لِعَدَمِ الِالتِباسِ. وقَدَّمَ ذَوِي القُرْبى لِأنَّ إيتاءَهم أفْضَلً كَما قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: «صَدَقَتُكَ عَلى المِسْكِينِ صَدَقَةٌ وعَلى ذَوِي رَحِمِكَ اثْنَتانِ، صَدَقَةٌ وصِلَةٌ» . ﴿والمَساكِينَ﴾ جَمْعُ المِسْكِينِ وهو الَّذِي أسْكَنَتْهُ الخَلَّةُ، وأصْلُهُ دائِمُ السُّكُونِ كالمِسْكِيرِ لِلدّائِمِ السُّكْرِ. ﴿وابْنَ السَّبِيلِ﴾ المُسافِرُ، سُمِّيَ بِهِ لِمُلازَمَتِهِ السَّبِيلَ كَما سُمِّيَ القاطِعُ ابْنَ الطَّرِيقِ. وقِيلَ الضَّيْفَ لِأنَّ السَّبِيلَ يُرْعَفُ بِهِ. ﴿والسّائِلِينَ﴾ الَّذِينَ ألْجَأتْهُمُ الحاجَةُ إلى السُّؤالِ،
وَقالَ عَلَيْهِ السَّلامُ «لِلسّائِلِ حَقٌّ وإنْ جاءَ عَلى فَرَسِهِ» . ﴿وَفِي الرِّقابِ﴾ وفي تَخْلِيصِها بِمُعاوَنَةِ المُكاتَبِينَ، أوْ فَكِّ الأُسارى، أوِ ابْتِياعِ الرِّقابِ لِعِتْقِها. ﴿وَأقامَ الصَّلاةَ﴾ المَفْرُوضَةَ. ﴿وَآتى الزَّكاةَ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المَقْصُودُ مِنهُ ومِن قَوْلِهِ: ﴿وَآتى المالَ﴾ الزَّكاةَ المَفْرُوضَةَ، ولَكِنَّ الغَرَضَ مِنَ الأوَّلِ بَيانُ مَصارِفِها، ومِنَ الثّانِي أداؤُها والحَثُّ عَلَيْها.
وَيُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِالأوَّلِ نَوافِلَ الصَّدَقاتِ أوْ حُقُوقًا كانَتْ في المالِ سِوى الزَّكاةِ.
وَفِي الحَدِيثِ «نَسَخَتِ الزَّكاةُ كُلَّ صَدَقَةٍ» . ﴿والمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذا عاهَدُوا﴾ عَطْفٌ عَلى ﴿مَن آمَنَ﴾ . ﴿والصّابِرِينَ في البَأْساءِ والضَّرّاءِ﴾ نَصَبَهُ عَلى المَدْحِ ولَمْ يَعْطِفْ لِفَضْلِ الصَّبْرِ عَلى سائِرِ الأعْمالِ. وعَنِ الأزْهَرِيِّ: البَأْساءُ في الأمْوالِ كالفَقْرِ، والضَّرّاءُ في الأنْفُسِ كالمَرَضِ. ﴿وَحِينَ البَأْسِ﴾ وقْتَ مُجاهَدَةِ العَدُوِّ. ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ في الدِّينِ واتِّباعِ الحَقِّ وطَلَبِ البِرِّ. ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ﴾ عَنِ الكُفْرِ وسائِرِ الرَّذائِلِ. والآيَةُ كَما تَرى جامِعَةٌ لِلْكَمالاتِ الإنْسانِيَّةِ بِأسْرِها دالَّةٌ عَلَيْها صَرِيحًا أوْ ضِمْنًا، فَإنَّها بِكَثْرَتِها وتَشَعُّبِها مُنْحَصِرَةٌ في ثَلاثَةِ أشْياءَ:
صِحَّةِ الِاعْتِقادِ، وحُسْنِ المُعاشَرَةِ، وتَهْذِيبِ النَّفْسِ. وقَدْ أُشِيرَ إلى الأوَّلِ بِقَوْلِهِ: ﴿مَن آمَنَ بِاللَّهِ﴾ إلى ﴿والنَّبِيِّينَ﴾ . وإلى الثّانِي بِقَوْلِهِ: ﴿وَآتى المالَ﴾ إلى ﴿وَفِي الرِّقابِ﴾ وإلى الثّالِثِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَأقامَ الصَّلاةَ﴾ إلى آخِرِها ولِذَلِكَ وُصِفَ المُسْتَجْمِعُ لَها بِالصِّدْقِ نَظَرًا إلى إيمانِهِ واعْتِقادِهِ بِالتَّقْوى، اعْتِبارًا بِمُعاشَرَتِهِ لِلْخَلْقِ ومُعامَلَتِهِ مَعَ الحَقِّ. وإلَيْهِ أشارَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ «مَن عَمِلَ بِهَذِهِ الآيَةِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإيمانَ»
{"ayah":"۞ لَّیۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ وَٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلنَّبِیِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِیلِ وَٱلسَّاۤىِٕلِینَ وَفِی ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَـٰهَدُوا۟ۖ وَٱلصَّـٰبِرِینَ فِی ٱلۡبَأۡسَاۤءِ وَٱلضَّرَّاۤءِ وَحِینَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











