الباحث القرآني

﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أنْدادًا﴾ مِنَ الأصْنامِ. وقِيلَ مِنَ الرُّؤَساءِ الَّذِينَ كانُوا يُطِيعُونَهم لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إذْ تَبَرَّأ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ ولَعَلَّ المُرادَ أعَمُّ مِنهُما وهو ما يَشْغَلُهُ عَنِ اللَّهِ ﴿يُحِبُّونَهُمْ﴾ يُعَظِّمُونَهم ويُطِيعُونَهم ﴿كَحُبِّ اللَّهِ﴾ كَتَعْظِيمِهِ والمَيْلِ إلى طاعَتِهِ، أيْ يُسَوُّونَ بَيْنَهُ وبَيْنَهم في المَحَبَّةِ والطّاعَةِ، والمَحَبَّةُ: مَيْلُ القَلْبِ مِنَ الحُبِّ، اسْتُعِيرَ لِحَبَّةِ القَلْبِ، ثُمَّ اشْتُقَّ مِنهُ الحُبُّ لِأنَّهُ أصابَها ورَسَخَ فِيها، ومَحَبَّةُ العَبْدِ لِلَّهِ تَعالى إرادَةُ طاعَتِهِ والِاعْتِناءُ بِتَحْصِيلِ مَراضِيهِ، ومَحَبَّةُ اللَّهِ لِلْعَبْدِ إرادَةُ إكْرامِهِ واسْتِعْمالِهِ في الطّاعَةِ، وصَوْنُهُ عَنِ المَعاصِي. ﴿والَّذِينَ آمَنُوا أشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ لِأنَّهُ لا تَنْقَطِعُ مَحَبَّتُهم لِلَّهِ تَعالى، بِخِلافِ مَحَبَّةِ الأنْدادِ فَإنَّها لِأغْراضٍ فاسِدَةٍ مَوْهُومَةٍ تَزُولُ بِأدْنى سَبَبٍ، ولِذَلِكَ كانُوا يَعْدِلُونَ عَنْ آلِهَتِهِمْ إلى اللَّهِ تَعالى عِنْدَ الشَّدائِدِ، ويَعْبُدُونَ الصَّنَمَ زَمانًا ثُمَّ يَرْفُضُونَهُ إلى غَيْرِهِ. ﴿وَلَوْ يَرى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ ولَوْ يَعْلَمُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ ظَلَمُوا بِاتِّخاذِ الأنْدادِ ﴿إذْ يَرَوْنَ العَذابَ﴾ إذْ عايَنُوهُ يَوْمَ القِيامَةِ. وأجْرى المُسْتَقْبَلَ مَجْرى الماضِي لِتَحَقُّقِهِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَنادى أصْحابُ الجَنَّةِ﴾ . ﴿أنَّ القُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ سادٌّ مَسَدَّ مَفْعُولَيْ ﴿يَرى﴾، وجَوابُ (لَوْ) مَحْذُوفٌ. أيْ لَوْ يَعْلَمُونَ أنَّ القُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا إذا عايَنُوا العَذابَ لَنَدِمُوا أشَدَّ النَّدَمِ. وقِيلَ هو مُتَعَلِّقُ الجَوابِ والمَفْعُولانِ مَحْذُوفانِ، والتَّقْدِيرُ: ولَوْ يَرى الَّذِينَ ظَلَمُوا أنْدادَهم لا تَنْفَعُ، لَعَلِمُوا أنَّ القُوَّةَ لِلَّهِ كُلِّها لا يَنْفَعُ ولا يَضُرُّ غَيْرَهُ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ ونافِعٌ ويَعْقُوبُ: و « لَوْ تَرى» عَلى أنَّهُ خِطابٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ، أيْ ولَوْ تَرى ذَلِكَ لَرَأيْتُ أمْرًا عَظِيمًا، وابْنُ عامِرٍ: « إذْ يُرَوْنَ» عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ، ويَعْقُوبُ إنَّ بِالكَسْرِ وكَذا ﴿وَأنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العَذابِ﴾ عَلى الِاسْتِئْنافِ، أوْ إضْمارِ القَوْلِ.(p-118)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب