الباحث القرآني
﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ يُجازِيهِمْ عَلى اسْتِهْزائِهِمْ، سُمِّيَ جَزاءُ الِاسْتِهْزاءِ بِاسْمِهِ كَما سُمِّيَ جَزاءُ السَّيِّئَةِ سَيِّئَةً، إمّا لِمُقابَلَةِ اللَّفْظِ بِاللَّفْظِ، أوْ لِكَوْنِهِ مُماثِلًا لَهُ في القَدْرِ، أوْ يُرْجِعُ وبالَ الِاسْتِهْزاءِ عَلَيْهِمْ فَيَكُونُ كالمُسْتَهْزِئِ بِهِمْ، أوْ يُنْزِلُ بِهِمُ الحَقارَةَ والهَوانَ الَّذِي هو لازِمُ الِاسْتِهْزاءِ، أوِ الغَرَضُ مِنهُ، أوْ يُعامِلُهم مُعامَلَةَ المُسْتَهْزِئِ: أمّا في الدُّنْيا فَبِإجْراءِ أحْكامِ المُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ، واسْتِدْراجِهِمْ بِالإمْهالِ والزِّيادَةِ في النِّعْمَةِ عَلى التَّمادِي في الطُّغْيانِ، وأمّا في الآخِرَةِ: فَبِأنْ يَفْتَحَ لَهم وهم في النّارِ بابًا إلى الجَنَّةِ فَيُسْرِعُونَ نَحْوَهُ، فَإذا صارُوا إلَيْهِ سُدَّ عَلَيْهِمُ البابُ، وذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاليَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الكُفّارِ يَضْحَكُونَ﴾ وإنَّما اسْتُؤْنِفَ بِهِ ولَمْ يُعْطَفْ لِيَدُلَّ عَلى أنَّ اللَّهَ تَعالى تَوَلّى مُجازاتَهُمْ، ولَمْ يُحْوِجِ المُؤْمِنِينَ إلى أنْ يُعارِضُوهُمْ، وأنَّ اسْتِهْزاءَهم لا يُؤْبَهُ بِهِ في مُقابَلَةِ ما يَفْعَلُ اللَّهُ تَعالى بِهِمْ ولَعَلَّهُ لَمْ يَقُلِ: اللَّهُ مُسْتَهْزِئٌ بِهِمْ لِيُطابِقَ قَوْلَهُمْ، إيماءً بِأنَّ الِاسْتِهْزاءَ يَحْدُثُ حالًا فَحالًا ويَتَجَدَّدُ حِينًا بَعْدَ حِينٍ، وهَكَذا كانَتْ نِكاياتُ اللَّهِ فِيهِمْ كَما قالَ تَعالى: ﴿أوَلا يَرَوْنَ أنَّهم يُفْتَنُونَ في كُلِّ عامٍ مَرَّةً أوْ مَرَّتَيْنِ﴾ .
﴿وَيَمُدُّهم في طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ مِن مَدَّ الجَيْشُ وأمَدَّهُ إذا زادَهُ وقَوّاهُ، ومِنهُ مَدَدْتُ السِّراجَ والأرْضَ إذا اسْتَصْلَحْتَهُما بِالزَّيْتِ والسَّمادِ، لا مِنَ المَدِّ في العُمْرِ فَإنَّهُ يُعَدّى بِاللّامِ كَأمْلى لَهُ. ويَدُلُّ عَلَيْهِ قِراءَةُ ابْنِ كَثِيرٍ ﴿وَيَمُدُّهُمْ﴾ . والمُعْتَزِلَةُ لَمّا تَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ إجْراءُ الكَلامِ عَلى ظاهِرِهِ قالُوا: لَمّا مَنَعَهُمُ اللَّهُ تَعالى ألْطافَهُ الَّتِي يَمْنَحُها المُؤْمِنِينَ وخَذَلَهم بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وإصْرارِهِمْ، وسَدِّهِمْ طُرُقَ التَّوْفِيقِ عَلى أنْفُسِهِمْ فَتَزايَدَتْ بِسَبَبِهِ قُلُوبُهم رَيْنًا وظُلْمَةً، تَزايُدَ قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ انْشِراحًا ونُورًا، وأمْكَنَ الشَّيْطانُ مِن إغْوائِهِمْ فَزادَهم طُغْيانًا، أُسْنِدَ ذَلِكَ إلى اللَّهِ تَعالى إسْنادَ الفِعْلِ إلى المُسَبِّبِ مَجازًا، وأضافَ الطُّغْيانَ إلَيْهِمْ لِئَلّا يُتَوَهَّمَ أنَّ إسْنادَ الفِعْلِ إلَيْهِ عَلى الحَقِيقَةِ، ومِصْداقُ ذَلِكَ أنَّهُ لَمّا أسْنَدَ المَدَّ إلى الشَّياطِينِ أطْلَقَ الغَيَّ وقالَ: ﴿وَإخْوانُهم يَمُدُّونَهم في الغَيِّ﴾ . أوْ أصْلُهُ يَمُدُّ لَهم بِمَعْنى يُمْلِي لَهم ويَمُدُّ في أعْمارِهِمْ كَيْ يَتَنَبَّهُوا ويُطِيعُوا، فَما زادُوا إلّا طُغْيانًا وعَمَهًا، فَحُذِفَتِ اللّامُ وعَدّى الفِعْلَ بِنَفْسِهِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ﴾ . أوِ التَّقْدِيرُ يَمُدُّهُمُ اسْتِصْلاحًا، وهم مَعَ ذَلِكَ يَعْمَهُونَ في طُغْيانِهِمْ. والطُّغْيانُ بِالضَّمِّ والكَسْرِ كَلُقْيانٍ، والطُّغْيانُ: تَجاوُزُ الحَدِّ في العُتُوِّ، والغُلُوُّ في الكُفْرِ، وأصْلُهُ تَجاوُزُ الشَّيْءِ عَنْ مَكانِهِ قالَ تَعالى: ﴿إنّا لَمّا طَغى الماءُ حَمَلْناكُمْ﴾ . والعَمَهُ في البَصِيرَةِ كالعَمى في البَصَرِ، وهُوَ: التَّحَيُّرُ في الأمْرِ يُقالُ: رَجُلٌ عامِهٌ وعَمِهٌ، وأرْضٌ عَمْهاءُ لا مَنارَ بِها، قالَ:
أعْمى الهُدى بِالجاهِلِينَ العُمَّهِ
{"ayah":"ٱللَّهُ یَسۡتَهۡزِئُ بِهِمۡ وَیَمُدُّهُمۡ فِی طُغۡیَـٰنِهِمۡ یَعۡمَهُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق