الباحث القرآني

﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾ نَزَلَتْ حِينَ سَمِعَ المُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: يا اللَّهُ يا رَحْمَنُ فَقالُوا إنَّهُ يَنْهانا أنْ نَعْبُدَ إلَهَيْنِ وهو يَدْعُو إلَهًا آخَرَ. أوْ قالَتِ اليَهُودُ: إنَّكَ لَتُقِلُّ ذِكْرَ الرَّحْمَنِ وقَدْ أكْثَرَهُ اللَّهُ في التَّوْراةِ، والمُرادُ عَلى الأوَّلِ هو التَّسْوِيَةُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ بِأنَّهُما يُطْلَقانِ عَلى ذاتٍ واحِدَةٍ وإنِ اخْتَلَفَ اعْتِبارُ إطْلاقِهِما، والتَّوْحِيدُ إنَّما هو لِلَذّاتِ الَّذِي هو المَعْبُودُ المُطْلَقُ وعَلى الثّانِي أنَّهُما سِيّانِ في حُسْنِ الإطْلاقِ والإفْضاءِ إلى المَقْصُودِ وهو أجْوَدُ لِقَوْلِهِ: ﴿أيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الأسْماءُ الحُسْنى﴾ والدُّعاءُ في الآيَةِ بِمَعْنى التَّسْمِيَةِ وهو يَتَعَدّى إلى مَفْعُولَيْنِ حُذِفَ أوَّلُهُما اسْتِغْناءً عَنْهُ وأوْ لِلتَّخْيِيرِ والتَّنْوِينُ في ﴿أيًّا﴾ عِوَضٌ عَنِ المُضافِ إلَيْهِ، و ﴿ما﴾ صِلَةٌ لِتَأْكِيدِ ما في ﴿أيًّا﴾ مِنَ الإبْهامِ، والضَّمِيرُ في ﴿فَلَهُ﴾ لِلْمُسَمّى لِأنَّ التَّسْمِيَةَ لَهُ لا لِلِاسْمِ، وكانَ أصْلُ الكَلامِ ﴿أيًّا ما تَدْعُوا﴾ فَهو حَسَنٌ، فَوُضِعَ مَوْضِعَهُ فَلَهُ الأسْماءُ الحُسْنى لِلْمُبالَغَةِ والدَّلالَةِ عَلى ما هو الدَّلِيلُ عَلَيْهِ وكَوْنُها حُسْنى لِدَلالَتِها عَلى صِفاتِ الجَلالِ والإكْرامِ. ﴿وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ﴾ بِقِراءَةِ صَلاتِكَ حَتّى تُسْمِعَ المُشْرِكِينَ، فَإنَّ ذَلِكَ يَحْمِلُهم عَلى السَّبِّ واللَّغْوِ فِيها. ﴿وَلا تُخافِتْ بِها﴾ حَتّى لا تُسْمِعَ مَن خَلْفَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ. ﴿وابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ بَيْنَ الجَهْرِ والمُخافَتَةِ. ﴿سَبِيلا﴾ وسَطًا فَإنَّ الِاقْتِصادَ في جَمِيعِ الأُمُورِ مَحْبُوبٌ. رُوِيَ «أنَّ أبا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كانَ يَخْفِتُ ويَقُولُ: أُناجِي رَبِّي وقَدْ عَلِمَ حاجَتِي، وعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كانَ يَجْهَرُ ويَقُولُ أطْرُدُ الشَّيْطانَ وأُوقِظُ الوَسَنانَ، فَلَمّا نَزَلَتْ أمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أبا بَكْرٍ أنْ يَرْفَعَ قَلِيلًا وعُمَرَ أنْ يَخْفِضَ قَلِيلًا.» وَقِيلَ مَعْناهُ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ كُلِّها ولا تُخافِتْ بِها بِأسْرِها وابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا بِالإخْفاتِ نَهارًا والجَهْرِ لَيْلًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب