الباحث القرآني
(p-247)سُورَةُ بَنِي إسْرائِيلَ مَكِّيَّةٌ وقِيلَ إلّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ﴾ إلى آخِرِ ثَمانِ آياتٍ وهي مِائَةٌ وإحْدى عَشْرَةَ آيَةً.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿سُبْحانَ الَّذِي أسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلا﴾ سُبْحانَ اسْمٌ بِمَعْنى التَّسْبِيحِ الَّذِي هو التَّنْزِيهُ وقَدْ يُسْتَعْمَلُ عَلَمًا لَهُ فَيُقْطَعُ عَنِ الإضافَةِ ويُمْنَعُ عَنِ الصَّرْفِ قالَ:
؎ قَدْ قُلْتُ لَمّا جاءَنِي فَخْرُهُ. . . سُبْحانَ مِن عَلْقَمَةَ الفاخِرِ
وانْتِصابُهُ بِفِعْلٍ مَتْرُوكٍ إظْهارُهُ، وتَصْدِيرُ الكَلامِ بِهِ لِلتَّنْزِيهِ عَنِ العَجْزِ عَمّا ذُكِرَ بَعْدُ. و ﴿أسْرى﴾ وسَرى بِمَعْنى، و ﴿لَيْلا﴾ نُصِبَ عَلى الظَّرْفِ. وفائِدَتُهُ الدَّلالَةُ بِتَنْكِيرِهِ عَلى تَقْلِيلِ مُدَّةِ الإسْراءِ، ولِذَلِكَ قُرِئَ: « مِنَ اللَّيْلِ» أيْ بَعْضِهِ كَقَوْلِهِ: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ﴾ . ﴿مِنَ المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ بِعَيْنِهِ لِما رُوِيَ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ قالَ: «بَيْنا أنا في المَسْجِدِ الحَرامِ في الحِجْرِ عِنْدَ البَيْتِ بَيْنَ النّائِمِ واليَقْظانِ إذا أتانِي جِبْرِيلُ بِالبُراقِ» .
أوْ مِنَ الحَرَمِ وسَمّاهُ المَسْجِدَ الحَرامَ لِأنَّهُ كُلُّهُ مَسْجِدٌ أوْ لِأنَّهُ مُحِيطٌ بِهِ، أوْ لِيُطابِقَ المَبْدَأُ المُنْتَهى. لِما رُوِيَ «أنَّهُ ﷺ كانَ نائِمًا في بَيْتِ أُمِّ هانِئٍ بَعْدَ صَلاةِ العِشاءِ فَأُسْرِيَ بِهِ ورَجَعَ مِن لَيْلَتِهِ، وقَصَّ القِصَّةَ عَلَيْها وقالَ: « مُثِّلَ لِيَ الأنْبِياءُ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ فَصَلَّيْتُ بِهِمْ»، ثُمَّ خَرَجَ إلى المَسْجِدِ الحَرامِ وأخْبَرَ بِهِ قُرَيْشًا فَتَعَجَّبُوا مِنهُ اسْتِحالَةً، وارْتَدَّ ناسٌ مِمَّنْ آمَنَ بِهِ، وسَعى رِجالٌ إلى أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ فَقالَ: إنْ كانَ قالَ لَقَدْ صَدَقَ، فَقالُوا: أتُصَدِّقُهُ عَلى ذَلِكَ، قالَ: إنِّي لَأُصَدِّقُهُ عَلى أبْعَدِ مِن ذَلِكَ فَسُمِّيَ الصِّدِّيقَ، واسْتَنْعَتَهُ طائِفَةٌ سافَرُوا إلى بَيْتِ المَقْدِسِ فَجُلِّيَ لَهُ فَطَفِقَ يَنْظُرُ إلَيْهِ ويَنْعَتُهُ لَهم، فَقالُوا: أمّا النَّعْتُ فَقَدْ أصابَ فَقالُوا أخْبِرْنا عَنْ عِيرِنا، فَأخْبَرَهم بِعَدَدِ جِمالِها وأحْوالِها وقالَ تَقْدَمُ يَوْمَ كَذا مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَقْدُمُها جَمَلٌ أوْرَقُ، فَخَرَجُوا يَشْتَدُّونَ إلى الثَّنِيَّةِ فَصادَفُوا العِيرَ كَما أخْبَرَ، ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنُوا وقالُوا ما هَذا إلّا سِحْرٌ مُّبِينٌ وكانَ ذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِسَنَةٍ.» واخْتُلِفَ في أنَّهُ كانَ في المَنامِ أوْ في اليَقَظَةِ بِرُوحِهِ أوْ بِجَسَدِهِ، والأكْثَرُ عَلى أنَّهُ أُسْرِيَ بِجَسَدِهِ إلى بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إلى السَّمَواتِ حَتّى انْتَهى إلى سِدْرَةِ المُنْتَهى، ولِذَلِكَ تَعَجَّبَ قُرَيْشٌ واسْتَحالُوهُ، والِاسْتِحالَةُ مَدْفُوعَةٌ بِما ثَبَتَ في الهَنْدَسَةِ أنَّ ما بَيْنَ طَرَفَيْ قُرْصِ الشَّمْسِ ضِعْفُ ما بَيْنَ طَرَفَيْ كُرَةِ الأرْضِ مِائَةً ونَيِّفًا وسِتِّينَ مَرَّةً، ثُمَّ إنَّ طَرَفَها الأسْفَلَ يَصِلُ مَوْضِعَ طَرَفِها الأعْلى في أقَلِّ مِن ثانِيَةٍ، وقَدْ بَرْهَنَ في الكَلامِ أنَّ الأجْسامَ مُتَساوِيَةٌ في قَبُولِ الأعْراضِ وأنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى كُلِّ المُمْكِناتِ فَيَقْدِرُ أنْ يَخْلُقَ مِثْلَ هَذِهِ الحَرَكَةِ السَّرِيعَةِ في بَدَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أوْ فِيما يَحْمِلُهُ، والتَّعَجُّبُ مِن لَوازِمِ المُعْجِزاتِ. ﴿إلى المَسْجِدِ الأقْصى﴾ بَيْتِ المَقْدِسِ لِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ وراءَهُ مَسْجِدٌ. ﴿الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ﴾ بِبَرَكاتِ الدِّينِ والدُّنْيا لِأنَّهُ مَهْبِطُ الوَحْيِ ومُتَعَبَّدُ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ مِن لَدُنْ مُوسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، ومَحْفُوفٌ بِالأنْهارِ والأشْجارِ. ﴿لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا﴾ (p-248)كَذَهابِهِ في بُرْهَةٍ مِنَ اللَّيْلِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ومُشاهَدَتِهِ بَيْتَ المَقْدِسِ وتَمَثُّلِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَهُ، ووُقُوفِهِ عَلى مَقاماتِهِمْ، وصَرْفُ الكَلامِ مِنَ الغَيْبَةِ إلى التَّكَلُّمِ لِتَعْظِيمِ تِلْكَ البَرَكاتِ والآياتِ. وقُرِئَ « لِيُرِيَهُ» بِالياءِ. ﴿إنَّهُ هو السَّمِيعُ﴾ لِأقْوالِ مُحَمَّدٍ ﷺ . ﴿البَصِيرُ﴾ بِأفْعالِهِ فَيُكَرِّمُهُ ويُقَرِّبُهُ عَلى حَسَبِ ذَلِكَ.
{"ayah":"سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِیۤ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَیۡلࣰا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِی بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِیَهُۥ مِنۡ ءَایَـٰتِنَاۤۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡبَصِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق