الباحث القرآني

﴿يُنَزِّلُ المَلائِكَةَ بِالرُّوحِ﴾ بِالوَحْيِ أوِ القُرْآنِ، فَإنَّهُ يُحْيِي بِهِ القُلُوبَ المَيِّتَةَ بِالجَهْلِ، أوْ يَقُومُ في الدِّينِ مَقامَ الرُّوحِ في الجَسَدِ، وذَكَرَهُ عَقِيبَ ذَلِكَ إشارَةً إلى الطَّرِيقِ الَّذِي بِهِ عَلِمَ الرَّسُولُ ﷺ ما تَحَقَّقَ مَوْعِدُهم بِهِ ودُنُوَّهُ وإزاحَةً لِاسْتِبْعادِهِمُ اخْتِصاصَهُ بِالعِلْمِ بِهِ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو ﴿يُنَزِّلُ﴾ مِن أنْزَلَ، وعَنْ يَعْقُوبَ مِثْلُهُ وعَنْهُ « تَنْزِلُ» بِمَعْنى تَتَنَزَّلُ. وقَرَأ أبُو بَكْرٍ « تُنْزَلُ» عَلى المُضارِعِ المَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ مِنَ التَّنْزِيلِ. ﴿مِن أمْرِهِ﴾ بِأمْرِهِ أوْ مِن أجْلِهِ. ﴿عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ﴾ أنْ يَتَّخِذَهُ رَسُولًا. ﴿أنْ أنْذِرُوا﴾ بِأنْ أنْذِرُوا أيِ اعْلَمُوا مِن نَذَرْتُ بِكَذا إذا عَلِمْتُهُ. ﴿أنَّهُ لا إلَهَ إلا أنا فاتَّقُونِ﴾ أنَّ الشَّأْنَ لا إلَهَ إلّا أنا فاتَّقُونِ، أوْ خَوِّفُوا أهْلَ الكُفْرِ والمَعاصِي بِأنَّهُ لا إلَهَ إلّا أنا وقَوْلُهُ ﴿فاتَّقُونِ﴾ رُجُوعٌ إلى مُخاطَبَتِهِمْ بِما هو المَقْصُودُ، و ﴿أنْ﴾ مُفَسِّرَةٌ لِأنَّ الرُّوحَ بِمَعْنى الوَحْيِ الدّالِّ عَلى القَوْلِ، أوْ مَصْدَرِيَّةٌ في مَوْضِعِ الجَرِّ بَدَلًا مِنَ الرُّوحِ أوِ النَّصْبُ بِنَزْعِ الخافِضِ، أوْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ. والآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّ نُزُولَ الوَحْيِ بِواسِطَةِ المَلائِكَةِ وأنَّ حاصِلَهُ التَّنْبِيهُ عَلى التَّوْحِيدِ الَّذِي هو مُنْتَهى كَمالِ القُوَّةِ العِلْمِيَّةِ، والأمْرُ بِالتَّقْوى الَّذِي هو أقْصى كَمالِ القُوَّةِ العَمَلِيَّةِ. وأنَّ النُّبُوَّةَ عَطائِيَّةٌ والآياتِ الَّتِي بَعْدَها دَلِيلٌ عَلى وحْدانِيَّتِهِ مِن حَيْثُ إنَّها تَدُلُّ عَلى أنَّهُ تَعالى هو المُوجِدُ لِأُصُولِ العالَمِ وفُرُوعِهِ عَلى وفْقِ الحِكْمَةِ والمَصْلَحَةِ، ولَوْ كانَ لَهُ شَرِيكٌ لَقَدَرَ عَلى ذَلِكَ فَيَلْزَمُ التَّمانُعُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب