الباحث القرآني

﴿وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ ألْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذا حَلالٌ وهَذا حَرامٌ﴾ كَما قالُوا ﴿ما في بُطُونِ هَذِهِ الأنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا﴾ الآيَةَ، ومُقْتَضى سِياقِ الكَلامِ وتَصْدِيرِ الجُمْلَةِ بِإنَّما حَصْرُ المُحَرَّماتِ في الأجْناسِ الأرْبَعَةِ إلّا ما ضُمَّ إلَيْهِ دَلِيلٌ: كالسِّباعِ والحُمُرِ الأهْلِيَّةِ، وانْتِصابُ ﴿الكَذِبَ﴾ بِـ ﴿لا تَقُولُوا﴾ و ﴿هَذا حَلالٌ وهَذا حَرامٌ﴾ بَدَلٌ مِنهُ أوْ مُتَعَلِّقٌ بِتَصِفُ عَلى إرادَةِ القَوْلِ أيْ: ولا تَقُولُوا الكَذِبَ لِما تَصِفُهُ ألْسِنَتُكم فَتَقُولُوا هَذا حَلالٌ وهَذا حَرامٌ، أوْ مَفْعُولُ ﴿لا تَقُولُوا﴾، و ﴿الكَذِبَ﴾ مُنْتَصِبٌ بِـ ﴿تَصِفُ﴾ وما مَصْدَرِيَّةٌ أيْ ولا تَقُولُوا هَذا حَلالٌ وهَذا حَرامٌ لِوَصْفِ ألْسِنَتِكُمُ الكَذِبَ أيْ: لا تُحَرِّمُوا ولا تُحَلِّلُوا بِمُجَرَّدِ قَوْلٍ تَنْطِقُ بِهِ ألْسِنَتُكم مِن غَيْرِ دَلِيلٍ، ووَصَفَ ألْسِنَتَهُمُ الكَذِبَ مُبالَغَةً في وصْفِ كَلامِهِمْ بِالكَذِبِ كَأنَّ حَقِيقَةَ الكَذِبِ كانَتْ مَجْهُولَةً وألْسِنَتُهم تَصِفُها وتَعْرِفُها بِكَلامِهِمْ هَذا، ولِذَلِكَ عُدَّ مِن فَصِيحِ الكَلامِ كَقَوْلِهِمْ: وجْهُها يَصِفُ الجَمالَ وعَيْنُها تَصِفُ السِّحْرَ. وقُرِئَ « الكَذِبِ» بِالجَرِّ بَدَلًا مِن « ما»، والكَذِبُ جَمْعُ كَذُوبٍ أوْ كَذّابٍ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِلْألْسِنَةِ وبِالنَّصْبِ عَلى الذَّمِّ أوْ بِمَعْنى الكَلِمِ الكَواذِبِ. ﴿لِتَفْتَرُوا عَلى اللَّهِ الكَذِبَ﴾ تَعْلِيلٌ لا يَتَضَمَّنُ الغَرَضَ. ﴿إنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ﴾ لَمّا كانَ المُفْتَرِي يَفْتَرِي لِتَحْصِيلِ مَطْلُوبٍ نَفى عَنْهُمُ الفَلّاحَ وبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (p-244)﴿مَتاعٌ قَلِيلٌ﴾ أيْ ما يَفْتَرُونَ لِأجْلِهِ أوْ ما هم فِيهِ مَنفَعَةٌ قَلِيلَةٌ تَنْقَطِعُ عَنْ قَرِيبٍ. ﴿وَلَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ في الآخِرَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب