الباحث القرآني

﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أنَّهم يَقُولُونَ إنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾ يَعْنُونَ جَبْرًا الرُّومِيَّ غُلامَ عامِرِ بْنِ الحَضْرَمِيِّ. وقِيلَ جَبْرًا ويَسارًا كانا يَصْنَعانِ السُّيُوفَ بِمَكَّةَ ويَقْرَآنِ التَّوْراةَ والإنْجِيلَ، وكانَ الرَّسُولُ ﷺ يَمُرُّ عَلَيْهِما ويَسْمَعُ ما يَقْرَءانِهِ. (p-241)وَقِيلَ عائِشًا غُلامَ حُوَيْطِبَ بْنِ عَبْدِ العُزّى قَدْ أسْلَمَ وكانَ صاحِبَ كُتُبٍ. وقِيلَ سَلْمانُ الفارِسِيُّ. ﴿لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إلَيْهِ أعْجَمِيٌّ﴾ لُغَةُ الرَّجُلِ الَّذِي يُمِيلُونَ قَوْلَهم عَنِ الِاسْتِقامَةِ إلَيْهِ، مَأْخُوذٌ مِن لَحْدِ القَبْرِ. وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ يَلْحَدُونَ بِفَتْحِ الياءِ والحاءِ، لِسانٌ أعْجَمِيٌّ غَيْرُ بَيِّنٍ. ﴿وَهَذا﴾ وهَذا القُرْآنُ. ﴿لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ ذُو بَيانٍ وفَصاحَةٍ، والجُمْلَتانِ مُسْتَأْنَفَتانِ لِإبْطالِ طَعْنِهِمْ، وتَقْرِيرُهُ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ أحَدُهُما: أنَّ ما سَمِعَهُ مِنهُ كَلامٌ أعْجَمِيٌّ لا يَفْهَمُهُ هو ولا أنْتُمْ والقُرْآنُ عَرَبِيٌّ تَفْهَمُونَهُ بِأدْنى تَأمُّلٍ، فَكَيْفَ يَكُونُ ما تَلَقَّفَهُ مِنهُ. وثانِيهِما: هَبْ أنَّهُ تَعَلَّمَ مِنهُ المَعْنى بِاسْتِماعِ كَلامِهِ لَكِنْ لَمْ يَتَلَقَّفْ مِنهُ اللَّفْظَ، لِأنَّ ذَلِكَ أعْجَمِيٌّ وهَذا عَرَبِيٌّ والقُرْآنُ كَما هو مُعْجِزٌ بِاعْتِبارِ المَعْنى فَهو مُعْجِزٌ مِن حَيْثُ اللَّفْظِ، مَعَ أنَّ العُلُومَ الكَثِيرَةَ الَّتِي في القُرْآنِ لا يُمْكِنُ تَعَلُّمُها إلّا بِمُلازَمَةِ مُعَلِّمٍ فائِقٍ في تِلْكَ العُلُومِ مُدَّةً مُتَطاوِلَةً، فَكَيْفَ تَعَلَّمَ جَمِيعَ ذَلِكَ مِن غُلامٍ سُوقِيٍّ سَمِعَ مِنهُ في بَعْضِ أوْقاتِ مُرُورِهِ عَلَيْهِ كَلِماتٍ أعْجَمِيَّةً لَعَلَّهُما لَمْ يَعْرِفا مَعْناها، وطَعْنُهم في القُرْآنِ بِأمْثالِ هَذِهِ الكَلِماتِ الرَّكِيكَةِ دَلِيلٌ عَلى غايَةِ عَجْزِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب